ـ[العرابلي]ــــــــ[14 Mar 2009, 11:39 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة الثامنة عشرة: وصل وقطع أن لو

وردت "أَنْ لَوْ" في القرآن أربع مرات؛ قطعت في ثلاث منها؛

في قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (100) الأعراف.

بين الله تعالى في الآية أنه لو شاء لأصاب المشركين بالعذاب؛ فدل ذلك على أن العذاب لم يقع بهم، وأنه مقطوع عنهم، فكان القطع في الرسم موافقًا لما دل عليه سياق الآية، بأن العذاب مقطوع عنهم، وأن وقوعه مرتبط بمشيئة الله عز وجل.

وقطعت في قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَايْـ (ءَ) ـسْ الَّذِينَ ءامَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31) الرعد.

لم يكن الناس جميعهم في يوم من الأيام على الهداية مهما جاءتهم من آيات من الله تعالى؛ ابتداء من ابني آدم إلى قيام الساعة؛ وسيظل هناك من تصيبه قارعة بذنبه إلى أن يأتي وعد الله؛ فكان القطع موافقًا لما هو عليه الحال الدائم للناس؛ أنهم لن يجتمعوا كلهم على الهدى.

وقطعت في قوله تعالى: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14) سبأ.

ما كان للجن أن يعلموا الغيب في السابق ولا لاحقًا، وعلم الغيب هو لله وحده، فجاء الرسم بما يوافق قطع علم الغيب عن الجن، من قبل ذلك ومن بعده، خلافًا لما يظن كثير من الجهلة أن لهم القدرة على الاطلاع على علم الغيب.

وقد وصلت "أَنْ لَوْ" في موضع واحد فقط؛

في قوله تعالى: (وَأَلَّوْ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) الجن.

ففي الآيات السابقة كان التمني لشيء لم يكن، فكان الرسم بالقطع، أما في هذه الآية فهو لشيء كان؛ فقد بينت الآية أنهم كانوا على الطريقة الحق المستقيمة، والتمني لو أنهم تواصلوا عليها بالاستقامة، فكان الوصل في الرسم لا القطع.

ووافق الوصل؛ سقوط نون النزع من الرسم بالإدغام بلام الالتصاق.

بسم الله الرحمن الرحيم

الكلمة التاسعة عشر: قطع إنْ مِنْ

وردت "إنْ مِنْ" خمس مرات مقطوعة في الجميع؛

و"إنْ" في الآيات التالية؛ هي "إنْ" النافية المشبهة بليس، التي تدخل على الجمل الاسمية، غير العاملة لاقتران خبرها بإلاَّ. و"مِنْ" حرف جر زائد للتوكيد، وزياد ة من بعد النفي فيها جعلت الاسم يعم الجنس، وجعلت المرفوع مجرورًا تأكيدًا على مطاوعته وعدم امتناعه في استقبال الفعل الواقع عليه.

وكان القطع موافقًا لما أُخبر عنه في الآيات التي جاءت فيها "إنِْ مِنْ"؛

فقد قطعت في قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159) النساء.

فأهل الكتاب سيقطعون القول بألوهية عيسى ابن مريم عليه السلام، وقولهم إن الله ثالث ثلاثة، تعالى عما يقولون علوًا كبيرًا؛ وذلك بعد نزوله، وسيؤمنون بعيسى عليه السلام؛ عبدًا لله ورسوله، وكلمة منه ألقاها إلى مريم، كما أخبر ذلك الله تعالى عنه، ولا يصح الإيمان منهم إلا بعد قطع أقوالهم فيه أولاً، وعلى ذلك كان القطع في الرسم.

وقطعت في قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) الحجر.

الشيء هنا هو الرزق الذي عرفوه مما قطع من خزائن الله تعالى ليكون رزقًا لهم، فلأجل ذلك كان القطع لها في الرسم.

وقطعت في قوله تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) الإسراء.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015