ولما كان أيضا , ذكر بني إسرائيل خاصة , يوهم الاختصاص بهم , ذكر تعالى حكما عاما يشمل الطوائف كلها , ليتضح الحق , ويزول التوهم والإشكال.
فسبحان من أودع في كتابه , ما يبهر عقول العالمين. اهـ
فائدة تربوية
في قوله تعالى {قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين}
قال الشيخ:
فإن الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه, وهو الذي يستهزئ بالناس.
وأما العاقل, فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل, استهزاءه بمن هو آدمي مثله.
وإن كان قد فضل عليه, فتفضيله يقتضي منه الشكر لربه, والرحمة لعباده. اهـ
فائدة تربوية
في قوله تعالى (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ).
قال الشيخ: أي: من التحريف والباطل {وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} من الأموال.
والويل: شدة العذاب والحسرة , وفي ضمنها الوعيد الشديد.
قال شيخ الإسلام لما ذكر هذه الآيات من قوله {أَفَتَطْمَعُونَ} إلى {يَكْسِبُونَ}: فإن الله ذم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه , وهو متناول لمن حمل الكتاب والسنة , على ما أصله من البدع الباطلة.
وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني , وهو متناول لمن ترك سر تدبر القرآن ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه.
ومتناول لمن كتب كتابا بيده , مخالفا لكتاب الله , لينال به دنيا وقال: إنه من عند الله , مثل أن يقول: هذا هو الشرع والدين , وهذا معنى الكتاب والسنة , وهذا معقول السلف والأئمة , وهذا هو أصول الدين , الذي يجب اعتقاده على الأعيان والكفاية.
ومتناول لمن كتم ما عنده من الكتاب والسنة , لئلا يحتج به مخالفه في الحق الذي يقوله.
وهذه الأمور كثيرة جدا في أهل الأهواء جملة , كالرافضة , وتفصيلا مثل كثير من المنتسبين إلى الفقهاء.
فائدة تربوية دعوية
من قوله تعالى {وقولوا للناس حسناً}
قال الشيخ رحمه الله تعالى: ... ولما كان الإنسان لا يسع الناس بماله , أمر بأمر يقدر به على الإحسان إلى كل مخلوق , وهو الإحسان بالقول , فيكون في ضمن ذلك , النهي عن الكلام القبيح للناس حتى للكفار , ولهذا قال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
ومن أدب الإنسان الذي أدب الله به عباده , أن يكون الإنسان نزيها فى أقواله وأفعاله , غير فاحش ولا بذيء , ولا شاتم , ولا مخاصم.
بل يكون حسن الخلق , واسع الحلم , مجاملا لكل أحد , صبورا على ما يناله من أذى الخلق , امتثالا لأمر الله , ورجاء لثوابه.
ثم أمرهم بإقامة الصلاة , وإيتاء الزكاة , لما تقدم أن الصلاة متضمنة للإخلاص للمعبود , والزكاة متضمنة للإحسان إلى العبيد. اهـ
رحم الله الشيخ ...
فائدة تربوية
من قوله تعالى { ... نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون، واتبعوا ما تتلوا الشياطين ... }
قال الشيخ: ... ولما كان من العوائد القدرية والحكمة الإلهية أن من ترك ما ينفعه وأمكنه الانتفاع به ولم ينتفع , ابتلي بالاشتغال بما يضره , فمن ترك عبادة الرحمن , ابتلي بعبادة الأوثان , ومن ترك محبة الله وخوفه ورجاءه , ابتلي بمحبة غير الله وخوفه ورجائه , ومن لم ينفق ماله في طاعة الله أنفقه في طاعة الشيطان , ومن ترك الذل لربه , ابتلي بالذل للعبيد.
ومن ترك الحق ابتلي بالباطل، كذلك هؤلاء اليهود لما نبذوا كتاب الله اتبعوا ما تتلوا الشياطين ... اهـ
فائدة إيمانية
من قوله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا).
قال الشيخ: وإذا كان لا أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه, فلا أعظم إيمانا ممن سعى في عمارة المساجد بالعمارة الحسية والمعنوية, كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}.