وترتكز القصة فى مجملها على عنصرين رئيسيين هما المال والبنين والذين سبق ذكرهما فى نفس السورة وهما زينة الحياة الدنيا ويمكنك تخيل القصة بدون ذكر العبد الصالح وهو الخضر عليـ السلام ـه،وأن تضع نفسك مكان موسى عليـ السلام ـه وتعيش الحياة كما هى فترى مساكين تعاب مركبهم وهى كل مالهم ولقمةعيشهم، وترى فيما يمر بك من أحداث الدنيا أبوين مؤمنين يموت صغيرهما وهو كل مايرجون من هذه الحياة ويتكئون عليه فيها، وهذه مصائب فى أعز ما يملك الناس – المال والولد – ربما ناحوا لها وقنطوا أو جزعوا وسخطوا وهم لا يدرون أن المنحة فى طيات المحنة والبلية هى فى حقيقتها عطية.

وترى فيما يرى السائر أيتام فى قرية لئام لا يملكون إلا داراً حقيرة متهدمة الجدران إلا جداراً يقف شاهداً على خسة أهل القرية وشحهم.

وفجأة يظهر الخضر أمامك يجلى لك الحقائق باعتباره يمثل القدرالأعلى وباعتباره انساناً مميزاً أيضا ليهتك لك أستار الغيب الذي أطلعه الله عليه وتتعجب من الفطرة النقية متمثلة فى موسى عليه السلام وهو يستنكف المنكر وينكره فكيف تتلف الأملاك؟ وتقتل الأنفس البريئة؟ ولأى شئ يوضع المعروف فى غير أهله؟.

وأمرالمؤمن كله له خير والصلاح ينفع أهله فى الدنيا والآخرة فتلف المال حماية له من أن يذهب به الظالم بالكلية، وموت الولد رحمة به من قدر الكفر الذي ينتظره ورحمة بوالديه من الشقاء به فى الدارين وبقاء المال والولد كان ثمرة لصلاح الأب ومما خلفه الله به فى أهله وماله.

وأخيراً

بقى أن نجيب على السؤال الذي طرحناه أولاً، وهو لماذا كانت سورة الكهف عاصمة من فتنة الدجال عليه لعنة الله؟!.

ونجيب عليه والعلم عند الله:

بأن سورة الكهف قد بدأت بذكر أهل الكتاب وهم جل أتباع المسيح الدجال – وهو من علامات الساعة - وربما كان فى ذلك إشارة إلى تملكهم زمام العالم فى آخرالزمان وختمت بالحديث عن التوحيد وذم الكفر الذي هم عليهم.

واشتملت السورة أيضاً على معنى مشترك بين كل القصص المذكورة فيها، وهو معنى الخرق الربانى للعادة فى الزمان والمكان والانسان ثم فى القدر الكونى – كما قد تقدم – وبذلك صارت السورةالكريمة - وبهذه الضدية – كالرقية من الخرق الشيطانى الذي يمثله مسيح السوء الدجال فى أعظم صوره، فأنى يثبت وأنى يفلح حينئذ؟!.

ومما يستأنس به أيضا فى هذاالمعنى أن زوال شخص المسيح الدجال نفسه يكون على يد مسيح الخير بن مريم – عليهما السلام – باعتباره خارقة بشرية ربانية كذلك منذ بدايته من غير أب ومعجزاته كالنفخ فى الطين بإذن الله وإبراء المعضلات والإنباء بالمغيبات وحتى رفعه من غير موت ثم عودته بعد ذلك.

وصدق ربنا عز وجل إذ يقول: (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (21)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ

(21) الأنبياء: 18

والله أعلم والحمد لله رب العالمين

وكتبه

أبو سليمان المصري

خالد سعيد

الهوامش:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ

(1) البخارى وأبو داود والنسائي.

(2) البخارى.

(3) مسلم وأبوداود والترمذى والنسائي.

(4) البخارى و مسلم وأبو داود والترمذي.

(5) مسلم والترمذي.

(6) مسلم بنحوه.

(7) الفاتحه -الأنعام - الكهف - سبأ - فاطر.

(8) صحيح الجامع (6351)

(9) مسلم وأبو داود والترمذي

ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[07 صلى الله عليه وسلمpr 2009, 09:56 ص]ـ

السلام عليكم

يبدو لى أن السورة فى عالم الشهاده والواقع ولذلك فالقول

وباختصار فهو رجل غير عادى خارق القوى والملكات (كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْراً)

أري أنه قد جانب الصواب؛كيف يكون خارقا للعادة من اتبع الأسباب "فأتبع سببا "؛ بل هو مثل لما قد يصله انسان بحسن التعلم والعمل

وبذلك صارت السورةالكريمة - وبهذه الضدية – كالرقية من الخرق الشيطانى الذي يمثله مسيح السوء الدجال فى أعظم صوره وكيف حدث هذا الخرق؛أتغلب الشيطان على الأسباب أم أن ظهوره من قبيل الخرق الربانى للعادة فى الزمان والمكان والانسان كما ذكرت

وهل من يجلس أمام هذه الفتنة يقرأ السورة تمنع الدجال أن يقتله؟

ـ[مصطفى سعيد]ــــــــ[08 صلى الله عليه وسلمpr 2009, 11:04 ص]ـ

السلام عليكم

أنقل من أول مداخلة فى هذا الحوار الطويل

قال تعالى: (أم حسبتَ أنَّ أصحابَ الكهفِ والرقيمِ كانوا من آياتِنا عجباً ـ 9) سورة الكهف.

1ـ لا ينبغي أن نمر على قصص القرآن مرورا سريعا، إنما يجب التفكر والتدبر؛ للعظة والعبرة، واستخلاص الدروس؛ لتكون نبراسا نسير على هديه، ونستضئ بنوره، وإلا كنا كمثل الحمار يحمل أسفارا!. عثمان قدري مكانسي

2ـ ليس في قصة أصحاب الكهف عجب، فقدرة الله تعالى لا حدود لها، وخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، ولئن عجب الكفار من بعثهم بعد الموت، فإن الأنبياء يدركون قدرة الله فيزيدهم إيمانا. عثمان قدري مكانسي

علنا إذا رجعنا لأول مداخلة لوجدنا أن معظم المداخلات التى جاءت للتعقيب كانت متناقضة مع الأولى

فكون ليس هناك عجب يعنى أن كل مافى السورة كان فى اطار الحق الذى خلق الله به السموات والأرض وليس هناك أى خرق لهذا الحق

إن فكرة الخروق التى عششت فى تفكيرنا هى ما يجعلنا نجعل السورة وكأنها نزلت لتحمينا من خرق الدجال

فهل يجب ألا نقرأ السورة حتى يأت الدجال من الغيب؟

أم أن السورة فى عمل الصالحات وأن الزينة على الأرض " لنبلوهم أيهم أحسن عملا "؛ ولتقديم نماذج فى كيفية احسان العمل؛ وأن هذا يكون نسبيا

فأصحاب الكهف كان أحسن مايمكن هو الاعتزال

وأحسن ما يمكن للمعلم " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم ... "

وأحسن مايمكن للعبد الصالح أن يعلم أحوال الناس والمجتمع ثم يقض وينفذ كمصلح

وأحسن ما يمكن لذى القرنين هو اتباع الأسباب

وأن ما أوتى العبد الصالح وذى القرنين لا يخرج عن اطار " لنبلوهم .. " بدليل " إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا "

وكذلك تبين السورة كيف ضل سعى البعض وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؛ ثم بينت جزاء هذا الضلال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015