سلسلة: من تربويات الظلال/الحلقة4/المعركة الحقيقة هي بين العقائد .. ولا دخل للإلحاد بها

ـ[محمد رشيد]ــــــــ[25 Feb 2009, 10:44 ص]ـ

كلمتي ـ أخيكم أبي يوسف ـ:

انتشرت في زماننا كثيرا ظاهرة الإلحاد .. ووجدنا الدعاة والعلماء يكرسون جهودهم لمحاربتها، و في الحقيقة فقد كنت ـ منذ قديم ـ في حيرة من قضية تكريس الجهود لحربها ومجابهة أصحابها، فحينما أتصور تقمصي لفكرة الإلحاد أجدني واقفا في فراغ! عاريا من كل ثياب! فأية فكرة هذه التي نكرس لها الجهود؟

حينما نناقش أهل الباطل فإنه ـ أي النقاش ـ يكون لإثبات بطلان ما يقفون عليه من الأرض، فماذا لو كان هؤلاء يقفون أصلا في فراغ؟!

حينما نناقش أهل الباطل فإنه ـ أي النقاش ـ يكون لتعريتهم من باطلهم الذي يأتزرونه، فماذا لو كان هؤلاء عراة اصلا؟!

إن الملحدين يقفون في الفراغ ـ لا يقفون على حق أو باطل ـ! ويقفون عراة لا ثياب عليهم ـ لا ثياب حق ولا باطل ـ

لذلك سرعان ما يسقطون فتتكسر عظامهم حين يزول أثر القصور الذاتي الذي أوقفهم في الهواء لحظات! .. وسرعان ما يأكل البرد الفضائي أبدانهم وينخر عظامهم، حين تزول حرارة جسدهم المؤقتة والتي أغرتهم بالتعري!

لذلك كنت أعجب من بذل الجهود مع أناس ينفون الإله ـ إله الحق أو آلهة الباطل ـ!! وكيف أنهم يخالفون بذلك فطرة البشرية جمعاء ـ من كان منهم على الحق ومن كان على الباطل! وكنت أميل إلى ترك هؤلاء الملاحدة ينقرضون بذاتهم، حيث تأكلهم آراؤهم، فتودي بهم إلى الجنون أو الانتحار، وإن كان لهم علينا حق الدعوة والتوجيه.

ربما يقول البعض: إن الأمر الآن مختلف؛ فالإلحاد قد انتشر وزاد عدد الملحدين عما كان الحال من قبل، فلزم هذا التكريس.

فأقول: أتناول هذا الطرح من وجهين:

أ ـ التسليم: فلو سلمت بهذا، فإن الأمر لم يتغير، والعدد لا تاثير له، فكل هذا العدد واقف في فراغ ويكاد يسقط، وكلهم عراة سينخر البرد في عظامهم ويأكل جلودهم .. ولا تغتروا بالكثرة الإلحادية، فهي ظاهرة، والظاهرة تعني دائما انتفاش العدد الكثير، ولكن كبيعة الشيء هي ما يحكم على الشيء .. وطبيعة الإلحاد ـ المار بيانها ـ واحدة لم تتغير، ولم يكن للعدد تأثير فيها.

ب ـ عدم التسليم: فكثرة عدد الملحدين ربما تكون قد ازدادات باعتبار العدد في ذاته، إلا أنها في انحسار شديد باعتبار النسبة إلى عموم البشرية، وذلك يشهد به حتى التاريخ الحديث؛ فمنذ نصف قرن تقريبا كان الإلحاد بمصر في العهد الناصري ـ الذي نشر فيه المقبور الشيوعية والإلحاد بمصر طاعة لآلهته الماركسيين ـ هو أكثر منه الآن .. على الرغم من أنه قد يكون عدد الملحدين في أيامنا أكثر .. وقد مر وجهه.

لذا، فقد كنت أميل غالبا إلى تكريس الجهود للعقائد الباطلة المشبهة على الناس، وكلما اتقربت العقيدة الباطلة من هيئة العقيدة الإسلامية، كلما ازدادات خطورتها وزاد قلقي منها .. فما كنت أفزع من التنصير باسم الصليب .. بقدر ما كنت أفزع من الملل والنحل التي تعمل على إخراج الناس من دين الله تعالى باسم اتباع دين الله وروح الإسلام، وذلك ما تقوم به طوائف أجمع المسلمون على عدم انتسابها لديننا الإسلام .. ولكنها تدعو الناس للخروج من دين الله باسم دين الله!

أطلت عليكم .. على كل حال فهذا ما كنت عليه من قديم، ثم ـ خلال قراءاتي ـ وقفت في ظلال القرآن على عين ما أقول، واستروحت له ولصحة ما يرمي إليه .. وأترككم مع الظلال ..

يقول سيد قطب رحمه الله في الظلال:

(إن التعليل الإسلامي لانبثاق الحياة في درجاتها المتفاوتة هو الحل الوحيد لهذه الظاهرة التي لا تعللها المحاولات المادية البائسة!

وإذ كنا - في هذه الظلال - لا نخرج عن المنهج القرآني؛ فإننا لا نمضي أكثر من هذا في مواجهة لوثة الإلحاد ببراهين الخلق والتدبير والحياة. . فالقرآن الكريم لم يجعل قضية وجود الله قضيته. لعلم الله أن الفطرة ترفض هذه اللوثه. إنما القضية هي قضية توحيد الله؛ وتقرير سلطانه في حياة العبد؛ وهي القضية التي تتوخاها السورة في هذه الموجة التي استعرضناها.)

ويقول رحمه الله:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015