إذن سورة الفاتحة تدور في موضوعها على أركان حمد الله جل وعلا، والقرآن كله لو استوعب فإنه يدور من أوله إلى آخره على أنواع حمد الله جل وعلا، فإما أن تكون الآية أو السورة في حمده سبحانه على ربوبيته، أو على ألوهيته، أو على أسمائه وصفاته، أو على شرعه وكتابه وما انزل، أو على خلقه وقدره سبحانه وتعالى.

ما معنى الحمد؟ قال العلماء: الحمد هو إثبات أنواع الكمالات للمحمود، إثبات أنواع الكمال للمحمود بحيث إنه فيما أُسس له من الكمال لا نقص له فيه بوجه من الوجوه، والله جل وعلا هو المثبت له أوجه الكمال في ربوبيته، وأوجه الكمال في إلهيته، وهو المثنى عليه بأوجه الكمال في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، وفي شرعه وتنزيله وكتابه، وفي قدره سبحانه وتعالى وفي خلقه.

إذا كان كذلك، قال العلماء (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) معناه أن أنواع الحمد لأن الألف واللام هنا للاستغراق؛ الألف واللام تأتي لثلاثة أنواع في التفسير الألف واللام للتعريف للاستغراق للملك وللاختصار.

الأول للتعريف يشملها كأن تقول للاستغراق للملك للاختصار متى تكون الألف واللام للاستغراق إذا كانت يصح أن تضع مكانها (كل).

(الْحَمْدُ لِلَّهِ) إذا قلت: كل حمد لله رب العالمين. صح أو لم يصح؟ صح فإذن هي للاستغراق، فإذن هنا نقول الحمد لله رب العالمين هذه مستغرقة لجميع أنواع المحامد لله جل وعلا، أنواع المحامد هذه الخمسة التي ذكرنا. (لله) اللام الثانية هذه إيش؟ اللام للاستحقاق يعني كل حمد لله جل وعلا فهو مستحَق له سبحانه وتعالى، طبعا (الـ) التي في الحمد هذه (الـ) للتعريف واللام هذه لام حرف جر هي التي تأتي للملك ولتمام الملك وللاختصار وإلى آخره.

تأتي إلى (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، ([3]) أولا (رَبِّ الْعَالَمِينَ) هذا جُعل لأي شيء؟ إلى الربوبية، وقد ذكرنا لك أنّ من أركان الحمد؛ يعني ما يثنى على الله به الربوبية، فقال (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ثم (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ه ذا فيه الصفات، (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) فيه الصفات وفيه الشرع والكتاب، وفيه أيضا الخلق والأمر، (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) فيه إيش؟ الألوهية، (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) فيه الربوبية، فيه أيضا القدر؛ لأنك تستعين بمن يعين ما يحدث فيملكوته. (نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) من النعم الدينية هو الهداية إلى الصراط المستقيم، فهو المحمود على كل نوع من أنواع الهداية للصراط المستقيم، ثم وصف قال (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ) وهذا من أنواع النعم التي يحمد عليها، وهي راجعة إلى أحد أركان الحمد، ثم أيضا يفصل في ذلك في الموضوع بأشياء من نظر آخر؛ بأنواع المحامد، وأنواع الصفات، وأنواع العبودية، وأنواع الاستعانة إلى آخر ما هنالك.

هذا عرض موجز لما في هذه السورة من مما يدور حولها ذكره بعض العلماء.

> المثال الثاني سورة العنكبوت؛ سورة العنكبوت سماها بعضهم أو قال بعضهم إنها تدور حول الفتنة، الفتنة ظاهرة في أول السورة قال جل وعلا ? الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ? [العنكبوت:1 - 3]، فالفتنة ذُكرت نصا في أول السورة، الفتنة تكون بأي شيء؟ المرء يفتن بعقله، يفتن بالدنيا، يفتن بوالديه، يفتن بأهله، يفتن بطول المكث وطول العمر، يفتن بعدم وجود العذاب، يفتن إذن عن إدراك الحقيقة بأنواع من الفتن كلها موجودة في هذه السورة.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015