قال في تفسير (وانصح بالعودة للحلقة في محاسن التأويل كاملة فقد اختصرت المتعلق بما نقلت، وآمل نقل ما ذكره الشيخ كما نقلت الموضوع للفائدة لك ولكاتب الموضوع)
اللهُ جل وعلا هُنا يقول: (وَقَضَيْنَا)
والقضاء -أيُها المُبارك- في القرآن ورد بصيغ يجبُ أن تُحرّرها حتى تفهم:
- ورد القضاء بمعنى الخلق في قولهِ سُبحانه (فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} فصلت 12) أي خلقهُن سبع سماوات.
- وورد القضاء بمعنى الحُكم ({إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم بِحُكْمِهِ} النمل78) أي يحكُم.
- وورد القضاء بمعنى الأمر ومنهُ قول الله جل وعلا (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ) ما معنى وقضى ربُك؟ أي أمر ربُك.
هُنا الله جل وعلا يُخبر أنهُ قدّر وأخبر بني إسرائيل بقدره أنّ لهُم علُوان في الأرض يصحبُهما إفسادان وأنّ الله جل وعلا سيُعليهِم ذات مرة ثم يردُ كيدهُم بواسطة عبادٍ له ثم يجعل الغلبة مرةً أُخرى لبني إسرائيل ثم يردُ الكرة عليهِم وتكونُ كرة أخيرة إذ ظاهرُ القرآن أنهُ لا يكونُ لهُم بعدها ظهور.
ما الذي اتفق عليهِ المُفسرون وما الذي اختلفوا عليه؟
اتفقوا وهذا واجب الاتفاق إن هناك مرتين يعلو فيها بني إسرائيل وهذا نص القرآن (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً) وأنهُم مرتين أُخريين يُقهرون لكنّ السؤال الذي أشكل على الناس:
هل وقعَ هذين العلوين وانتهى هل وقع هذان العلوان وانتهيا أم لم يقع، هل وقع أحدهُما وبقي الآخر؟
بكُلٍ قال العلماء -وسنذكُر بعض الأقوال دون النظر إلى من قال بها ثم نُبين أين الإشكال في الآية الذي يرُدها-
قال بعضُ العُلماء إن كلا الأمرين وقع قبل الإسلام وهذا الجوابُ يُردُ عليهِ بالقرآن:
أن الله ذكر المسجد ولا يُعلم حسب تاريخ اليهود أن فريقاً واحداً حاربهُم حول المسجد لأن الله يقول (وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فالله يتكلم عن طائفة واحدة.
والسابقون يقولون إنهُ جالوت على قول.
وقول إنه بُختنصر ملك بابل ستة قرون تقريباً قبل الميلاد هذا الذي يدفع القول أنهُ ماذا؟ أنهُ قد سبق.
وبعض الناس يقول لا، حصل الأول والثاني لم يحصُل وسيحصُل في زماننا هذا على ما نحنُ فيهِِ من علو بني إسرائيل الموجود عالمياً اليوم وهؤلاء يقولون إنّ العلو الأول قد ظهر لكن يبقى السؤال على يد من قُهروا؟
فإذا قُلنا أنهُ قبل الإسلام لا يستقيم هذا مع القرآن لأن القرآن كما قُلنا يتكلم عن طائفة واحدة لأن الله يقول (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً {4} فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً {5} ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ) على من؟ على الأولين الذين جاسوا خلال الديار (وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُولاً)
ثم قال جل وعلا (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) ثم ذكر الثانية (فَإِذَا جَاء وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) فهم نفسُ الطائفة.
إذاً يُفهم من الآية أن الآية تتحدث عن صراع اليهود مع طائفة واحدة ومعلومٌ قطعاً أن عُمر الخطاب فتح القُدس سلماً أو حرباً؟ سلماً.ولم تكُن القُدس أيام عُمر تحت حُكم اليهود إنما كانت تحت حُكم النصارى ويوجد قصيدة ذائعة أظُنّها لشاعر الفلسطيني خالد أبو العمرين التي فيها:
اضرب تحجّرت القلوبُ فمالها إلا الحجر
اضرب فمن كفيك ينهمرُ المطر
في خان يونس في بلاطة في البوادي والحضر
من فتية الأنفال والشُورى و لُقمانٍ وحُفاظ الزُمر
الذي يعنيني منها أن الأبيات لها لازمة تتردد أدبياً فيها يقول:
في القُدس قد نطق الحجر
لا مؤتمر لا مؤتمر
أنا لا أُريد سوى عُمر
طبعاً يقصد هو لا مؤتمر لا مؤتمر للسلام مؤتمر النرويج أو سلو هذا قصد الشاعر.
هذا قصدُ الشاعر لكنّ الشاعر هنا فيما أعلم أنهُ فلسطيني ولستُ مُتأكداً لكن يدُل على أنهُ لم يحفظ السياق التاريخي لماذا؟ لأن قولهُ
لا مؤتمر لا مؤتمر أنا لا أُريدُ سوى عُمر
خطأ علمي، أين الخطأ العلمي؟
¥