وفي قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (80) المؤمنون.

وفي قوله تعالى: (وَمِنْ ءَايَاتِهِ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِ (ے) بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا (24) الروم.

وفي قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (68) غافر.

وفي قوله تعالى: (لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءَابَائِكُمْ الأَوَّلِينَ (8) الدخان.

وفي قوله تعالى: (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِ (ے) وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (2) الحديد.

حَذْفُ ياء التحول الساكنة، يفيد الاستمرار، وتحرك ما قبلها دعم هذا الاستمرار.

ففي الأمثلة الأخيرة وافق الحذف صفة الله تعالى الدائمة بأنه يحيي ويميت، متى شاء ولأي شيء شاء. وأن قدرة الله عز وجل مستمرة في الإحياء والإماتة.

وأن الأشياء التي أحياءها الله تعالى؛ الموتى، والعظام، والأرض؛ حدث له انقطاع بالموت، وكان في الإحياء استمرار لها.

وكان الإحياء كله عمل لله تعالى، وعمل عيسى عليه السلام كان بإذن الله عز وجل؛ (وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ).

وقد قدم الإحياء على الإماتة؛ (يحيي ويميت)؛ لأنه الله تعالى لا يميت شيئًا قبل أن يحييه أولاً، فأُثبت اللفظ بالياء؛ لإثبات الصفة لله عز وجل، وحذف رسمها؛ ليدل على استمرار هذه الصفة بتكرار الفعل لله؛ بالإحياء الثاني للناس يوم القيامة، أو إحياء الأرض مرة بعد مرة بإنزال المطر، وإنبات النبات فيها.

وكذلك كان حذف ياء يستحيي، وهي من نفس الجذر (حيي)، فلم يأت بعدها ساكن؛ فثبتت لفظًا عند وصل القراءة، ووضعت ياء فارسية للدلالة على ثباتها وصلاً في التلاوة لا وقفًا؛

في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِ (ے) أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا (26) البقرة.

وفي قوله تعالى: (إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِ (ے) مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِ (ے) مِنْ الْحَقِّ (53) الأحزاب.

وفي قوله تعالى: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ (ے) نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (4) القصص.

وفي قوله تعالى: (قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِ (ے) نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ (127) الأعراف.

ومعنى الاستحياء الامتناع، فالله لا يمتنع من ضرب الأمثلة بأقل المخلوقات؛ كالبعوضة فما فوقها.

والنبي يمتنع من إخراج الجالس في بيته، وإن لحق من طول بقاء جليسه، مشقة عليه وأذى.

والله لا يمنعه مانع من قول الحق، وتنبيه المؤمنين لما يتأذى منه النبي صلى الله عليه وسلم.

وفرعون كان يقتل الأطفال الذكور من أبناء بني إسرائيل، ويمتنع عن قتل النساء.

وقد كان حملهم لهذه الصفات حملا دائمًا مستمرين عليه.

ولنفس الأسباب حذفت ياء وليِّي رسمًا، وثبتت لفظًا في الوصل لا الوقف؛

قال تعالى: (رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ (ے) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) يوسف.

ويقال في (وليي) مثل القول في (يحيي) أُثبت اللفظ بالياء لإثبات الصفة لله وحذف رسمها ليدل على استمرار هذه الصفة (أَنْتَ وَلِيِّ (يْ) فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ)

أبو مُسْلِم/ عبْد المَجِيد العَرَابْلِي

المبحث الثاني عشر

بسم الله الرحمن الرحيم 4 - حكم ما اجتمع فيه الياءان طرفًا وتحرك ثانيهما

قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْـ (ي) ـِيَ الْمَوْتَى (33) الأحقاف.

قال تعالى: (أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْـ (يِ) ـِيَ الْمَوْتَى (40) القيامة.

قال تعالى: (لِنُحْـ (يِ) ـِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) الفرقان.

ياء يُحْيِيَ حركت بالفتح لأنها نصبت بأن، ونُحْيِيَ نصبت بلام التعليل، والياءان في هذا النوع مختلفتان عن بقية الأنواع الأخرى من حيث أنهما متحركتان، ولم تكن إحداهما ساكنة، وحذفت إحداهما في الرسم، والمتفق عليه هو حذف الياء الأولى؛ لأن الثانية حملت علامة النصب، ولأن الأولى قابلة للإدغام في الثانية إذا سكنت. ما عدا وليّي الآتية لأنها مشددة.

أما (حَيَّ) في قوله تعالى: (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيََّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) الأنفال. فقد قرأ قنبل، وأبو عمرو، وابن عامر، وحفص، وحمزة، والكسائي؛ (حَيََّ)، بالتشديد، وقرأ الباقون: (حَـ (يِ) ـيَ) بتحريك الياءين.

وحيِيَ فعل ماضي مبني على الفتح، وفي مذهب الخليل يجوز في مثلها الإدغام مع التشديد؛ كما وردت في الآية، وعدم الإدغام وهو الأصل.

وأما (وليِّيَ) في قوله تعالى: (إِنَّ وَلِـ (يِّ) ـيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) الأعراف.

فقد نصبت وليِّيَ بإنّ؛ فكانت الياء الأولى المشددة محركة بالكسر، والثانية بالفتح، ولها نفس حكم وتعليل تحرك الياء الثانية في (يُحيِيَ).

فإثبات لفظ الياء وحذف رسمها في المواضع الثلاثة الأولى إثبات الصفة لله تعالى، واستمرار القدرة له عز وجل على الإحياء مرة أخرى.

وكذلك من حيَّ الإيمان حياة يستمر عليها، ولا يكون كمن هلك على الكفر.

وكذلك من جعل وليه الله تعالى؛ فالمقصود بولاية الله الدائمة له، ودعمت بـ (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) ولم يخرج نفسه من الصالحين.

بهذا انتهت بفضل الله تعالى الأبحاث الأربعة في حذف إحدى الياءين من المكررة.

أبو مُسْلِم/ عبْد المَجِيد العَرَابْلِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015