3 - بالمقارنة بين مقدار اللوحات المقدَّم من قِبَلنا وبين مقدار لوحات رسائل جامعة دمشق –من خلال عناوين الرسائل وعرضها على نسخة المكتبة المحمودية بالمدينة- التي اعتمدنا عليها في ترقيم اللوحات- نَجِدُ أن متوسطَ اللوحاتِ عندهم (150) لوحة تقريباً، وهذا عددٌ كبيرٌ بالنظر إلى رسالة (ماجستير)، وهو ما يؤثرعلى جودة العمل وإتقانه في الغالب، وبالنظر في بعض هذه الرسائل وجدنا ذلك كذلك، فقد وجدنا قلةَ العناية بالنسخ الخطِّيَّةِ التي هي أساسُ العملِ في التحقيق، حيث قال بعضهم في ذلك: "اعتمدتُ في تحقيق قطعتي من البحر المحيط على هذه النسخِ الثلاثِ: نسخةِ مركز جمعة الماجد بدبي ونسخةِ المكتبة الأحمدية بحلبَ ومطبوعةِ البحر، اتخذتُ أولاها أصلاً ورمزتُ لها بـ (ج) وجعلتُ مطبوعةَ البحر في المرتبة الثانية ورمزتُ لها بـ (ط) وجعلتُ نسخةَ المكتبةِ الأحمديةِ في المرتبة الثالثة ورمزتُ لها بـ (أ) ". وقال غيره نحوَ هذا القول، وفي هذا من المآخذ المنهجيةِ ما يلي:

- أنه لم يذكرْ تأريخَ نسخِ النسخةِ التي اعتَمَدَ عليها بالإضافة لكونها واقعةً في جزء واحد فقط –كما قال هو- فما مُسَوِّغاتُ اتخاذها أصلاً؟!!

- أنه جعَلَ مطبوعةَ البحر في المرتبة الثانية –كما مَرَّ من كلامه- مع كونِ النسخةِ المطبوعةِ بمطبعة السعادة عام 1328هـ طافحة بتحريفات وتصحيفات لا تكاد تحصى، بل بسقط كثير كبير وصل في بعض المواضع إلى ثلاثة أسطر (1) يعرف ذلك من يمارسها ويرجعُ إليها، وفي ذلك ما فيه من إحالة المعنى وتغيير المراد وخفاء المقصود.

- أنه جعل نسخةَ المكتبةِ الأحمديةِ بحلبَ في المرتبة الثالثة وقد قال هو عنها: "وهي نسخةٌ رديئةٌ مَحْشُوَّةٌ بالتصحيف والتحريف، وفيها الكثير من السِّقط"، فالنسخُ الثلاثُ المعتمدةُ في التحقيق فيها ما فيها، وكان الأَوْلى استفراغَ الوُسْع وبذلَ الجُهْد في البحث عن نُسَخٍ خطيةٍ أخرى أَوْلى من تلك –وهي متوافرةٌ كما أدانا البحثُ والسؤالُ-، أو التحقيقَ بطريقة النصِّ المختارِ –كما فعل علي الزبيري (2)، ولستُ أقصِدُ –مَعاذَ اللهِ- التقليلَ من قيمةِ تلك الرسائلِ، وإنما المقصودُ بيانُ الخلل الذي سيتمُّ –بإذن الله- تداركُه في هذا التحقيق، بما يعود بعظيم الفائدة وعميم العائدة على الكتاب وعلى طلبة العلم كافةً.

4 - أن تحقيقَه في الجامعة الإسلامية يُمَهِّدُ السبيلَ لطباعته مستقبلاً ويُيَسِّرُ الطريقَ لذلك، وسوف أُفْرِدُ الكلامَ على قضية طباعةِ الكتابِ.

5 - أن تحقيق كتابٍ كبيرٍ في جامعات المملكة والحالُ أنه قد سبقَ تحقيقُه خارجَها ليس بِدْعاً من الرسائل العلمية، وقد حصل ذلك وتعدَّد في أكثرَ من جامعةٍ في المملكة وخارجِها وفي أكثرَ من تخصُّصٍ وفي كتبٍ متعددةٍ، والأمثلةُ على ذلك متعددةٌ، ولن أضرِبَ الأمثلةَ على ذلك دَفْعاً لبعض التوهُّماتِ، فنرى أن ذلك لا يحول دون تحقيقِه متى ما وُجِدَ المسوِّغ لذلك وتقديمُ الجديد، يقول د. أكرم العمري في كتابه (مناهج البحث وتحقيق التراث): "إن المخطوطاتِ كثيرةٌ جداً، ويحتاجُ الباحثُ إلى مراعاةِ جملةٍ من الأمور عند انتقائه لواحدة منها ليحقِّقَّها في رسالته العلمية، ومنها:

احتواؤُها على مادةٍ جديدةٍ بقَدْرٍ مناسبٍ، إذ إن نشرَ المخطوطاتِ ليس مراداً لذاته بل لخدمة العلم الذي أُلِّفَتْ فيه ... " (3)، وأرى أن هذا الأمرَ ينطبقُ على تحقيق البحر المحيطِ لما تقدَّمَ وما سيأتي، ويؤكد ذلك ماورد في رد الأخ الفاضل أحمد الفقيه حيث قال نقلاً عن دكتور في جامعة دمشق: "ولم تكن فكرتُه ناجحةً للأسف؛ لأن الذي حصل أن كلَّ طالبٍ درَسَ جزءَه بمنهجه وطريقته، فاختلف كلُّ جزءٍ عن الآخر، أي: لم يخرُج الكتاب بنفَسٍ واحدٍ، إضافةً إلى أن الطلابَ الذين دَرَسوه ليسوا على مستوىً واحدٍ من حيثُ الكفاءةُ والقدرةُ العلميةُ والعمليةُ مما أثَّر سَلْباً على الدراسةِ"، وهو ماسيتم تلافيه في هذا المشروع -بإذن الله- كما سيتضح لك من خلال هذا التقرير.

ثانياً: توافر عدة طبعات للكتاب:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015