إنه لا بد للإنسان الفاني الضعيف المحدود أن يتصل بالقوة الكبرى، يستمد منها العون حين يتجاوز الجهد قواه المحدودة. حينما تواجهه قوى الشر الباطنة والظاهرة. حينما يثقل عليه جهد الاستقامة على الطريق بين دفع الشهوات وإغراء المطامع، وحينما تثقل عليه مجاهدة الطغيان والفساد وهي عنيفة. حينما يطول به الطريق وتبعد به الشقة في عمره المحدود، ثم ينظر فإذا هو لم يبلغ شيئاً وقد أوشك المغيب، ولم ينل شيئاً وشمس العمر تميل للغروب. حينما يجد الشر نافشاً والخير ضاوياً ولا شعاع في الأفق ولا معلم في الطريق. .

هنا تبدو قيمة الصلاة. . إنها الصلة المباشرة بين الإنسان الفاني والقوة الباقية. إنها الموعد المختار لالتقاء القطرة المنعزلة بالنبع الذي لا يغيض. إنها مفتاح الكنز الذي يغني ويقني ويفيض ...

إنها الانطلاقة من حدود الواقع الأرضي الصغير إلى مجال الواقع الكوني الكبير. إنها الروح والندى والظلال في الهاجرة، إنها اللمسة الحانية للقلب المتعب المكدود. . ومن هنا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في الشدة قال: «أرحنا بها يا بلال» ويكثر من الصلاة إذا حزبه أمر ليكثر من اللقاء بالله.

إن هذا المنهج الإسلامي منهج عبادة. والعبادة فيه ذات أسرار. ومن أسرارها أنها زاد الطريق. وأنها مدد الروح. وأنها جلاء القلب. وأنه حيثما كان تكليف كانت العبادة هي مفتاح القلب لتذوق هذا التكليف في حلاوة وبشاشة ويسر. . إن الله سبحانه حينما انتدب محمداً - صلى الله عليه وسلم - للدور الكبير الشاق الثقيل، قال له:

{يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً. نصفه أو انقص منه قليلاً. أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً. . إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً} فكان الإعداد للقول الثقيل، والتكليف الشاق، والدور العظيم هو قيام الليل وترتيل القرآن. . إنها العبادة التي تفتح القلب، وتوثق الصلة، وتيسر الأمر، وتشرق بالنور، وتفيض بالعزاء والسلوى والراحة والاطمئنان.

ومن ثم يوجه الله المؤمنين هنا وهم على أبواب المشقات العظام. . إلى الصبر وإلى الصلاة. .

ثم يجيء التعقيب بعد هذا التوجيه: {إن الله مع الصابرين}. .

معهم، يؤيدهم، ويثبتهم، ويقويهم، ويؤنسهم، ولا يدعهم يقطعون الطريق وحدهم، ولا يتركهم لطاقتهم المحدودة، وقوتهم الضعيفة، إنما يمدهم حين ينفد زادهم، ويجدد عزيمتهم حين تطول بهم الطريق. . وهو يناديهم في أول الآية ذلك النداء الحبيب: {يا أيها الذين آمنوا}. . ويختم النداء بذلك التشجيع العجيب: {إن الله مع الصابرين}. انتهى كلام سيد

أقول: ليتدبر هذا الكلام - بعد تدبر الآية الكريمة- أناس تهاونوا في الصلاة، وتكاسلوا عن أدائها والمحافظة عليها في أوقاتها - خاصة من بعض أهل العلم - الذين يعجبك قولهم ولكنك تتعجب من صلاتهم.

ـ[يوسف محمد مازي]ــــــــ[11 Jan 2009, 12:25 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

في الحقيقة شيء يثلج الصدر أن نرى هذا التحول الإيجابي عند إخوتنا بأرض مهبط الوحي. وتغير موقفهم من هذا التطواف للشهيد سيد في ظلال القرآن الكريم. فبعدما ارتفعت أصوات دعاوى تنادي بحرق نسخه أصبحنا ولله الحمد وله المنة نقرأ لمنصفين من الباحثين المسلمين الحجازيين إشادات وإفادات ماتعة نافعة حول هذا المجهود المبارك لسيد رحمه الله رحمة واسعة.

فإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الحق يعلوا ولا يعلا عليه. كما يدل على أن الزمن كفيل في بعض الأحيان بأن ينصف أهل الحق ولو بعد حين.

جزى الله خيرا أساتذتنا في الملتقى على هذا المنهج المبارك الأصيل.

كما أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتغمد من وفقه سبحانه إلى أن يحظى بفضل السبق في هذا الشأن. شيخنا بكر أبو زيد الذي لا يمكن لنا أن ننسى أو نتناسى ما قدمه رحمه الله من مواقف حق في نوازل كثيرة منها موقفه رحمه الله من كتاب في ظلال القرآن.

ـ[أبومجاهدالعبيدي]ــــــــ[14 Jan 2009, 12:07 ص]ـ

قال سيد تغمده الله برحمته:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015