ومن هذا السر ايضاً نجد ان جميع ائمة الفرق الضالة الذين توغلوا في بواطن الامور واعتمدوا على مشهوداتهم من دون اتباع السنة النبوية، فرجعوا من اثناء الطريق، وترأسوا جماعة وشكلوا لهم فرقةً ضالة .. هؤلاء قد زلّوا الى مثل هذه البدع والضلالة وساقوا البشرية الى مثل هذه السبل الضالة لانهم لم يستيطعوا ان يحافظوا على تناسق الحقائق وموازنتها.

إن عجز جميع هؤلاء يبين اعجازاً للآيات القرآنية.

ـ[خلوصي]ــــــــ[19 May 2009, 07:05 م]ـ

الكلمة الثانية عشرة

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

] ومَن يؤتَ الحكمة فقد اوتي خيراً كثيراً [

(البقرة: 269)

هذه الكلمة تشير الى موازنة اجمالية بين حكمة القرآن الكريم المقدسة وحكمة الفلسفة،

وتشير أيضاً الى خلاصة مختصرة لما تلقنه حكمة القرآن من تربية الانسان في حياتيه الشخصية

والاجتماعية

فضلاً عن انها تضم اشارة الى جهة ترجح القرآن الكريم وأفضليته على سائر الكلام الإلهي وسموه على الاقوال قاطبة.

بمعنى أن هناك أربعة أسس في هذه الكلمة:

cالاساس الاول:

من خلال منظار هذه الحكاية التمثيلية أنظر الى

الفروق بين حكمة القرآن الكريم وحكمة العلوم:

اراد حاكم عظيم ذو تقوى وصلاح وذو مهارة وابداع أن يكتب القرآن الحكيم كتابة تليق بقدسية معانيه الجليلة وتناسب اعجازه البديع في كلماته، فأراد أن يُلبِس القرآن الكريم ما يناسب اعجازه السامي من ثوب قشيب خارق مثله.

فطفق يكتب القرآن، وهو مصور مبدع، كتابة عجيبة جداً مستعملاً جميع أنواع الجواهر النفيسة والاحجار الكريمة ليشير بها الى تنوع حقائقه العظيمة فكتب بعض حروفه المجسمة بالالماس والزمرد وقسماً منها باللؤلؤ والمرجان وطائفة منها بالجوهر

والعقيق ونوعاً منها بالذهب والفضة، حتى أضفى جمالاً رائعاً وحسناً جالباً للانظار يعجب بها كل من يراها سواء أعلم القراءة أم جهلها. فالجميع يقفون أمام هذه الكتابة البديعة مبهوتين يغمرهم التبجيل والاعجاب، ولا سيما أهل الحقيقة الذين بدأوا ينظرون اليها نظرة اعجاب وتقدير أشد، لما يعلمون أن الجمال الباهر هذا يشف عما تحته من جمال المعاني وهو في منتهى السطوع واللمعان وغاية اللذة والذوق.

ثم عرض ذلك الحاكم العظيم، هذا القرآن البديع الكتابة، الرائع الجمال، على فيلسوف أجنبي وعلى عالم مسلم. وأمرهما:

((ليكتب كل منكما كتاباً حول حكمة هذا القرآن!)) ملمحاً الى اختبارهما ليكافئهما.

كتب الفيلسوف كتاباً. وكتب العالم المسلم كتاباً.

كان كتاب الفيلسوف يبحث عن نقوش الحروف وجمالها، وعلاقة بعضها ببعض، وأوضاع كل منها، وخواص جواهرها وميزاتها وصفاتها فحسب. ولم يتعرض في كتابه الى معاني ذلك القرآن العظيم قط، إذ إنه جاهل باللغة العربية جهلاً مطبقاً، بل لم يدرك أن ذلك القرآن البديع هو كتاب عظيم تنم حروفه عن معان جليلة، وانما حصر نظره في روعة حروفه وجمالها الخارق. ومع هذا فهو مهندس بارع، ومصور فنان، وكيميائي حاذق، وصائغ ماهر، لذا فقد كتب كتابه هذا وفق ما يتقنه من مهارات ويجيده من فنون.

أما العالم المسلم، فما أن نظر الى تلك الكتابة البديعة حتى علم أنه: كتاب مبين وقرآن حكيم. فلم يصرف اهتمامه الى زينته الظاهرة، ولا أشغل نفسه بزخارف حروفه البديعة، وانما توجه كليا ًـ وهو التواق للحق ـ الى ما هو

أسمى وأثمن وألطف وأشرف وأنفع وأشمل

مما انشغل به الفيلسوف الاجنبي بملايين الاضعاف، فبحث عما تحت تلك النقوش الجميلة من حقائق سامية جليلة وأسرار نيرة بديعة فكتب كتابه تفسيراً قيماً لهذا القرآن الحكيم، فأجاد وأتقن.

قدّم كلٌ منهما ما كتبه الى الحاكم العظيم. تناول الحاكم أولاً مؤلَّف الفيلسوف ونظر اليه ملياً. فرأى أن ذلك المعجب بنفسه والمقدس للطبيعة، لم يكتب حكمةً حقيقية قط، مع أنه بذل كل ما في طوقه، إذ لم يفهم معاني ذلك الكتاب، بل ربما زاغ واختلط عليه الامر، وأظهر عدم توقير واجلال لذلك القرآن، حيث أنه لم يكترث بمعانيه السامية، وظن أنه مجرد نقوش جميلة وحروف بديعة، فبخس حق القرآن وازدراه من حيث المعنى. لذا رد الحاكم الحكيم مؤلَّف ذلك الفيلسوف وضربه على وجهه وطرده من ديوانه.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015