(6) حديث صحيح. أخرجه أحمد (رقم: 2549، 3381) وأبو داود (رقم: 3760) والترمذي في (الجامع) (رقم: 1847) والشمائل (رقم: 176) والنسائي (رقم: 132) من طريق أيوب السختياني، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، به.

قلت: وإسناده صحيح، وقال الترمذي: (حديث حسن).

(7) أجبت عن هذا في (الأجوبة المرضية عن الأسئلة النجدية) (ص: 38 - 39).

(8) سقت نصوصهم وبينت درجاتها في كتاب (حكم الطهارة لغير الصلوات).

وكذلك جميع ما أذكره في مسألة الطهارة لقراءة القرآن ومس المصحف، فتفصيله في الكتاب المذكور.

(9) أما الرواية عن عمر، فأخرجها ابن أبي شيبة (رقم: 1080) بإسناد صحيح، والرواية عن علي، أخرجها أبو عبيد في (فضائل القرآن) (ص: 197) بإسناد حسن، وأدرجها بعضهم في حديث مرفوع، وهو خطأ. "

وقال في (مس المصحف مع الحدث) [ص 513 - 517]:

... " تقدم في أدب القارئ بيان جواز قراءته للقرآن مع الحدث، أصغر كان أو أكبر، ومثله القول في مس المصحف، مع الحث على الطهارة استحبابا.

... والوجه الجواز: أنه الأصل، ولم يثبت ما ينقله عن ذلك.

... وتقدم في المبحث السابق حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج من الخلاء، فقُرب إليه طعام، فقالوا: ألا نأتيك بوَضوء؟ قال: (إنما أمرت بالوُضوء إذا قمت إلى الصلاة).

... وفيه دليل على أن مس المصحف لم يؤمر بالوضوء له.

... وأكبر ما تعلق به من منع المحدث من مس المصحف آية وحديث، فأما الآية فقوله تعالى (إنه لقرءان كريم، في كتب مكنون، لا يمسه إلا المطهرون) [الواقعة: 77 - 79] فقالوا: دلت الآية على حرمة مس المصحف لمن لم يكن على طهارة.

... وهذا التفسير خطأ في اللغة، فإن فاعل الطهارة لا يمسى (مُطَهَّرا) وإنما يقال فيه: (مُطَّهِّر) و (مُتَطَهِّر) بصيغة اسم الفاعل، فهذا دليل على أن المعنى في ذلك لا يعود إلى المكلف، ولذا قال من قال من السلف (المطهرون) الملائكة، وهذا التفسير هو المناسب لعود الضمير في قوله (يمسه) فإنه في أصل اللغة إنما يعود إلى أقرب مذكور في السياق، وهو هنا الكتاب المكنون، وهو عند الله تعالى في السماء، كما قال سبحانه (في صحف مكرمة، مرفوعة مطهرة، بأيدي سفرة، كرام بررة) [عبس: 13 - 16].

... ولو قال قائل: يحسن بالمسلم اكتساب الطهارة ما استطاع لمس المصحف تشبها بالملائكة في تلك الصفة، فأقول: نعم، هذا معنى صحيح يستفاد من شرعية التشبيه بالملائكة في صفتهم، وقد جاء الندب إليه، كما في حديث جابر بن سمرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

... (ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟) قال: قلنا: يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ قال: (يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف) (1).

... لكن غاية ما يفيده مثل هذا الاستدلال هو استحباب التطهر لمس المصحف، أما الوجوب فلا ينهض دليلا عليه.

... وأما الحديث الذي استدلوا به على فرض الطهارة لذلك، فهو حديث: (لا يمس القرآن إلا طاهر).

... وهذا على لفظ النفي ومعناه النهي، وقد بينت وجهه في موضع آخر بما حاصله: أن وصف (طاهر) ثابت للمسلم بإسلامه، لا يزيله عنه حدث إلا الكفر، لما جاء من حديث أبي هريرة:

... أنه لقيه النبي - صلى الله عليه وسلم - في طريق من طرق المدينة وهو جنب، فانسل فذهب فاغتسل، فتفقده النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما جاءه قال: (أين كنت يا أبا هريرة؟) قال: يا رسول الله، لقيتني وأنا جنب فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (سبحان الله! إن المؤمن (وفي لفظ: المسلم) لا ينجس).

... وكذلك وقع لحذيفة بن اليمان نحو قصة أبي هريرة (2).

... فهذا دليل بيّن على أن الطهارة ثابتة للمسلم لا يزيلها عنه جنابة أو ما دونها. وهذا بخلاف الكافر، فإن الله تعالى قال: (إنما المشركون نجس) [التوبة: 28]، وبغض النظر عن معنى النجاسة فيه، فإنه وصف مانع لنا من تمكينه من مس المصحف في الأصل، والاستثناء من ذلك على ما سيأتي واقع بقيد.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015