الآن مع كل هذه الأحكام التي رتبها من وصف طريقة العرب آنفة الذكر هل لا يزال يسوغ أن نقول: إن الخلاف خلاف في التلقيب وما الفرق بين أن نسميه حقيقة ومجازاً وبين أن نسميه اتساعاً وتوسع،أو حقيقة مفردة وحقيقة تركيبية و ... و ... (؟؟)

لا لا يجوز أبداً ... بل هذا لعب بالعقول وسخرية باللسان وأهله ...

بل مذهب المجاز مذهب تام قائم له أحكام وقوانين وتبعات وليس مجرد تلقيب ...

ولا والله ما جرت أحكامه وقوانينه على أمة العرب والإسلام إلا الفساد =فساد الدين وفساد اللسان ...

8 - تكلم الدكتور كلاماً طويلاً عن شيوع القسمة في أوساط البلاغيين والأصوليين،وختم كلامه بقوله: ((إن الأقلام المختلفة إذا تعاورت على باب من أبواب العلم، فلا شك أنها تزيده وضوحا وجلاء، وتكسب الموضوع عمقا)).

قلت: والحق أنه ما ثم إلا قلم واحد شيخنا الفاضل وهو القلم الاعتزالي ومخنثه الأشعري،لن يخرجه عن هذين الوصفين تدثره بدثار البلاغة أو استخفاءه بلثام الأصول، ولن يُساعده على النجاء من التهمة تسليم بعض أهل السنة بهذه الألفاظ ورضاءهم بهذه التقسيمات؛ فللشيوع أثره، ولغلبة الكثرة أثرها، ولضعف غير المتخصص تحت ضغط الألفاظ التي يلوكها المتخصص وطأته.

9 - تكلم الدكتور عن وجود المجاز في شعر الجاهلية وفي القرآن وفي كلام النبي ثم ذكر الاتساع الذي ذكره سيبويه وأشار إلى سعة تصرف العرب في كلامها الذي ذكر الشافعي.

قلت: لا يزال الدكتور سادراً في نفس المغالطة والمصادرة = وهي: الاستدلال بوجود ظاهرة الاتساع واستعمال اللفظ الواحد في أكقر من معنى وإشارة سيبويه والشافعي إليها= على ثبوت القسمة .. بل والتعبير بالقسمة نفسها على الرغم من أن من نقل عنهم لم يستعملوا نفس ألفاظ القسمة ولا أشاروا إلى الأحكام والقوانين المنضوية تحت القسمة. أما تفسير مثبة المجاز من شراح سيبويه لاتساع سيبويه بأنه مجاز فليس أقل كذباً من تفسير كلام الله على المعاني البدعية الذي فعله كثير ممن فسر القرآن، فلا يصلح ذلك دليلاً يكشف عن مراد سيبويه، واستدلال الدكتور بوحدة الأمثلة عجيب جداً؛ لأن محل البحث واحد وهو ظاهرة الاتساع وأمثلتها، وإنما الشأن في القسمة والتلقيب والأحكام المنضوية تحت التقسيم فستظل الأمثلة واحدة عند الجميع.

وقد أشرتُ إلى وجه المغالطة والمصادرة من قبل فلا أعيد .. وإنما أُقرب بمثال:

إنما مثل الدكتور في كلامه كمثل من يثبت التواتر والآحاد ولا يحتج بالآحاد في الاعتقاد فيستدل فيقول: وهذا الذي نقرره ظاهر في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

فإن حاققته: أين لفظ التواتر ولفظ الآحاد في كلام النبي (؟؟)

أجابك: ليست العبرة بالألفاظ والمسميات ألا ترى أن من الأحاديث ما روي من طرق لا تُحصى كثرة ومنها ما روي من طريق واحد

فتجيبه: نعم أرى هذه الظاهرة وأقر بوجودها وأقدر بوجود أساس مبدئي واضح للتفريق وهو اختلاف عدد الطرق ولكني لا أعلم أن أحداً سمى هذه متواتر وتلك آحاد فهذا قدر زائد على مجرد وجود الظاهرة.

القدر الزائد الثاني على مجرد وجود الظاهرة وعلى مجرد تقسيم الظاهرة إلى قسمين = إعطاء كل قسم أحكام تخالف القسم الآخر من ناحية الحجية مثلاً = بلا بينة.

الآن أرجو تطبيق هذا على قضية المجاز مع التنبه للفرق في قضية المجاز فالقدر الزائد فيها أكبر: ظاهرة الاتساع موجودة في الكلام العربي.

القدر الزائد الأول: تقسيم المعاني (أو الألفاظ) إلى بلا دليل صالح.

القدر الزائد الثاني: تسمية قسم بالحقيقة والباقي بالمجاز أو المجازات.

القدر الزائد الثالث: الأحكام التي ستُعطى لما زعم أنه حقيقة وتنزع عن ما زعم مجازاً.

10 - قال الدكتور: ((ممن سمى المجاز في عصر سيبويه (استعارةً) أبو عمرو بن العلاء (ت 154 هـ)؛ فإنه - رحمه الله - قد سمى المجاز (استعارةً)، ونقل له شواهد على ذلك ابنُ رشيق في (العمدة).

قلت: هذا نقل معلق لا سند له.

11 - ذكر الدكتور كلام الأخفش.

قلت: والأخفش بصري معتزلي لا يٌفرح بمثله.

12 - ذكر الدكتور أبا عبيدة معمر بن المثنى.

قلت: كتبتُ عن كتابه مقالاً طويلاً فليُراجع.

13 - ذكر الدكتور كلام ابن قتيبة والبخاري وغيرهم من أهل السنة وهناك بعدهم.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015