والعبادة هي كل مافيه إقرار بالربوبية للمعبود، فالصلاة عبادة والسجود عبادة والدعاء عبادة والطواف بالقبور بنية التعظيم وقياساً على طواف الكعبة عبادة لغير الله.

والاستعانة هنا هي الاستعانة بما هو وراء الأسباب فلا تمنع الاستعانة بالطبيب على وصف الدواء ولا الاستعانة بالمحامي على حسن الدفاع ولا الاستعانة بأرباب الصناعات.

بل الاستعانة الممنوعة إلا بالله وحده هي طلب ماوراء الأسباب كمن يطلب من غير الله أن يشفي مريضه بلا علاج أو يرجع فقيده بلا بحث أو يطلق سجينه بلا شفاعة أو يفرج كربه بغير سبب مادي.

بعد أن حمدت الله على نعمه وعرفت أنه رب العالمين وأنه أرحم الراحمين وأنه هو مالك يوم الدين، وبعد أن نزهته عن الشريك (الشرك الظاهر والشرك الخفي) وخصصته وحده بالعبادة فإن الله يعلمك كيف تطلب منه ماينفعك، وقد أجمل لك الخير كله في كلمة واحدة: الصراط المستقيم.

(اهدنا الصراط المستقيم)

أي دلنا على الطريق الموصل إلى كل خير في الدنيا وفي الآخرة.

(صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)

المغضوب عليهم عرفوا الحق ولم يتبعوه، ومنهم اليهود. والضالون لم يعرفوه ولم يتبعوه ومنهم النصارى. والذين أنعم الله عليهم عرفوه واتبعوه وهم الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون.

(آمين)

أي الله استجب لنا وتقبل دعاءنا.

فصول إسلامية ص 75ـ78 ط السادسة 1429هـ دار المنارة.

(تفسير سورة الماعون)

في هذه السورة بيان ثلاثة أصناف من الناس الصنف الأول:

الذين يؤمنون برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء يتصفون أبداً بالكمالات الإنسانية ويجمعون أطراف الخلق الكريم.

الصنف الثاني: الذين يؤمنون ولكن لا يعملون بما يؤمنون به ولا يحافظون عليه فهم ينسون الصلاة ويمتنعون عن القيام بأيسر أعمال الخير وهو إعارة الماعون للجار.

الصنف الثالث: المكذبون بالدين، الذين فقدوا مزايا الإنسانية حتى أنهم ليقسون على اليتيم ولا يبالون بالعطف على المسكين.

(أرءيت الذي يكذب بالدين)

الخطاب من الله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم يقول له: ألا تعجب من هذا الذي يكذب الحقائق الظاهرة وينكر بلسانه ما يصدق به قلبه ويؤمن به عقله؟ وهل في الحقائق كلها ما هو أثبت من وجود الله؟ وهل في طرق الخير ما هو أقرب وأظهر من هذا الدين؟

(فذلك الذي يدع اليتيم)

أي يقسو عليه ولا يرحم ضعفه وتلك هي النتيجة للتكذيب بالدين وملازمة لها.

(ولا يحض على طعام المسكين)

ولا يرغب فيه ولا يفكر في آلام غيره ما يهمه في الحياة إلا نفسه وهذا هو النموذح للصنف الثالث.

أما الصنف الأول فيفهم من هذه الآيات، فكما أن المكذب بالدين يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين فالمصدق بالدين يرحم الأيتام ويهتم بإطعام المساكين ويكون عاملاً على كل مافيه الخير للناس.

والقسم الثاني: ضرب الله مثلاً عليه المصلين الذين يسهون عن صلاتهم تهاوناً بها واشتغالاً عنها.

(فويل)

كلمة عذاب.

(للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون * الذين هم يراءون)

إن صلوا بصلاتهم لا يقصدون بها وجه الله.

(ويمنعون الماعون)

لأن من صفتهم أنهم لا يقدمون لأحد خيراً مهما قل.

فمتى غفل عن صلاته ثم تاب وأداها مخلصاً لا مرائياً وكان ممن يحب الخير لم يكن من هذا الصنف.

المرجع السابق ص 79 ـ 81.

(سورة العصر)

سورة قصيرة من ثلاث جمل صغار ولكنها تصلح أن تكون دستوراً للفرد وللجماعة، لم تترك باباً من أبواب الخير إلا فتحته ولا خلة من خلال صلاح الفرد والجماعة إلا تعرضت لها حتى أن من العلماء من قال: (وأظن أن القائل هو الشافعي) (قلت وهو كما قال) لو لم ينزل الله من القرءان إلا هذه السورة لكفت الناس.

ومن معجزات القرءان أنه جمع تلك المعاني كلها في آيات ثلاث صغار هي: (والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر)

وأنا لا أسرد أقوال الناس في العصر هل هو الدهر أو هو وقت العصر أو هو صلاة العصر لأن الله كشف لي معنى آخر هو أن العصر (الزمان) وكل إنسان يخسر بفعل الزمان.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015