حديث النسوة

ـ[العمري]ــــــــ[05 Oct 2008, 10:25 ص]ـ

جاء في سورة يوسف الاية وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ [يوسف: 30]

هذه الاية تراكمت فيها شواهد القلة بالتحديد في قوله " وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ"

وهي عدة مواضع:-

1. قوله قال للمذكر مع ان الجمع هنا جمع تكسير المؤنث ويصح الوجهين ان نقول قال نسوة او قالت نسوة كما في اية اخرى " قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [الحجرات: 14] لكن الملمح البلاغي في ذلك ان القول اذا اسند للمذكر كما في اية يوسف يدل على قلة وذلك " ان العرب قد تؤنث للكثرة وتذكر للقلة فذكر قال لان النسوة قلة " (1) فقل هنا للقليل

2. ذكر الجمع نسوة وهو جمع للمرأة ويجمع على نسوة او نساء ولكن ما الفرق؟

الفرق ان العرب لديها ثلاثة انواع من الجمع هو جمع المذكر السالم والمؤنث السالم والتكسير وكلها تدل على اكثر من اثنين وتستخدم بلاغيا للدلالة على جمع كثرة او قلة لكن ما جمع القلة والكثرة؟

جمع القلة هو الجمع لما اقل من عسرة يعني من ثلاثة الى عشرة وجمع الكثرة اما هو اكثر من عشرة سواء السالم بنوعيه او التكسير وللعرب تقسي جميل في ذلك كيف؟

" ان الجمع السلم بنوعيه يفيد القلة " (2) واغلب جموع التكسير نفيد الكثرة ماعدا اربعة اصناف وهي

"افعل كأشهر وأفعال كأشياخ وأفعله كأغربه وفعله كفتيه" (3) فهنا لدينا نسوة على وزن فعله وهو جمع قلة اما نساء فجمع كثرة لذا ترى استعمال القران لكلمة نساء مع نساء النبي فقال يا نساء النبي في اكثر من موضع لانهن اكثر من عشر (مع السراري) ..

المهم لدينا نسوة جمع قلة وهذا ماقاله المفسرون في اية سورة يوسف يقول القرطبي في تفسيره" هن اربع نساء او خمس قيل امرأة ساقي العزيز وارأة خبازه وصاحب دوابه وامرأة صاحب سجنه وقيل امرأة الحاجب " (4) فهن اقل من عشر ودلالة على قلتهن ان امرأة العزيز لما سمعت بمكرهن جعتهن على مائدة واحدة قالى تعالى " فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ [يوسف: 31]

3. لفظ (في المدينة) يدل على قلة النسوة كيف ذلك؟

لو قال (نسوة المدينة) لشمل نساء المدينة كلهن لكنه جاء بالظرفية (في) فقال نسوة في المدينة أي هن من نساء المدينة وليس كلهن وهذا موافق لتعريف النساء فكلهن من خواص القصر ومتعلقات العزيز من الذين يعملون لديه فهن من الخاصة لا العامة جاء في تفسير الظلال" فهذه البيئة التي تسمح بهذا او ذلك بيئة خاصة هي بيئة الطبقة المترفة دائما " (5)

فهن الخاصة المطلعات على خبايا القصر وما يدور فيه لان البيئة العامة لا تحب ان تشيع فيها مثل هذه المفسدات والله أعلم ..

الهوامش:

1/بلاغة الكلمة في التعبير القراني .. د/ فاضل السامرائي ص 94

2/معاني الابنية في العربية .. د/ فاضل السامرائي ص118

3/تفسير القرطبي ج9 ص 176

4/تفسير الظلال سيد قطب ج4 ص300

طور بواسطة نورين ميديا © 2015