[ص: 315] وفي جامع الترمذي عن عمران بن حصين أن النبيء صلى الله عليه وسلم قال: الشفع والوتر الصلاة منها شفع ومنها وتر. قال الترمذي: وهو حديث غريب، وفي العارضة أن في سنده مجهولا، قال ابن كثير: وعندي أن وقفه على عمران بن حصين أشبه.

وينبغي حمل الآية على كلا التفسيرين.

وقيل: الشفع يومان بعد يوم منى، والوتر اليوم الثالث وهي الأيام المعدودات، فتكون غير الليالي العشر.

وتنكير ليال وتعريف الشفع والوتر مشير إلى أن الليالي العشر ليال معينة وهي عشر ليال في كل عام، وتعريف الشفع والوتر يؤذن بأنهما معروفان وبأنهما الشفع والوتر من الليالي العشر.

وفي تفسير الشفع والوتر أقوال ثمانية عشر وبعضها متداخل استقصاها القرطبي، وأكثرها لا يحسن حمل الآية عليه، إذ ليست فيها مناسبة للعطف على ليال عشر.

وقرأ الجمهور (والوتر) بفتح الواو وهي لغة قريش وأهل الحجاز. وقرأه حمزة والكسائي وخلف بكسر الواو وهي لغة تميم وبكر بن سعد بن بكر وهم بنو سعد أظآر النبيء صلى الله عليه وسلم وهم أهل العالية، فهما لغتان في الوتر. بمعنى الفرد.

والليل عطف على ليال عشر عطف الأعم على الأخص أو عطف على الفجر بجامع التضاد. وأقسم به لما أنه مظهر من مظاهر قدرة الله وبديع حكمته.

ومعنى يسري: يمضي سائرا في الظلام، أي: إذا انقضى منه جزء كثير، شبه تقضي الليل في ظلامه بسير السائر في الظلام وهو السرى كما شبه في قوله: والليل إذ أدبر وقال: والليل إذا سجى، أي: تمكن ظلامه واشتد.

وتقييد الليل بظرف إذا يسر لأنه وقت تمكن ظلمة الليل فحينئذ يكون الناس أخذوا حظهم من النوم فاستطاعوا التهجد قال تعالى: إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا وقال: ومن الليل فاسجد له وسبحه.

[ص: 316] وقرأ أبو نافع وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب إذا يسري بياء بعد الراء في الوصل على الأصل وبحذفها في الوقف لرعي بقية الفواصل: الفجر، عشر، والوتر، حجر ففواصل القرآن كالأسجاع في النثر والأسجاع تعامل معاملة القوافي، قال أبو علي: وليس إثبات الياء في الوقف بأحسن من الحذف وجميع ما لا يحذف وما يختار فيه أن لا يحذف نحو القاض بالألف واللام يحذف إذا كان في قافية أو فاصلة، فإن لم تكن فاصلة فالأحسن إثبات الياء. وقرأ ابن كثير ويعقوب بثبوت الياء بعد الراء في الوصل وفي الوقف على الأصل.

وقرأ الباقون بدون الياء وصلا ووقفا. وهذه الرواية يوافقها رسم المصحف إياها بدون ياء، والذين أثبتوا الياء في الوصل والوقوف اعتمدوا الرواية واعتبروا رسم المصحف سنة أو اعتدادا بأن الرسم يكون باعتبار حالة الوقف.

وأما نافع وأبو عمرو وأبو جعفر فلا يوهن رسم المصحف روايتهم ; لأن رسم المصحف جاء على مراعاة حال الوقف ومراعاة الوقف تكثر في كيفيات الرسم."

طور بواسطة نورين ميديا © 2015