ـ[جند الله]ــــــــ[18 Sep 2008, 04:47 م]ـ
كتب أحمد الدبش في كتابه (موسى وفرعون في جزيرة العرب) في الفصل السادس صفحة (51 ـ 64) تحت عنوان (مصر، المشكلة، والحل!) يقول:
يتفق ثلاثة من ثقاة الباحثين العرب في مجالات الدراسات التوراتية، أن مصر التوراتية هي غير مصر - وادي النيل، وأنها، أي مصر التوراتية، ليست إلا إقليما في الجزيرة العربية. فيذهب العلامة د. كما الصليبي إلى أن المقصود بمصراييم في التوراة هو: أل مصرمة، بين أبها وخميس مشيط، وقرية مصر في وادي بيشة في إقليم عسير. أما تفسير د. زياد منى فهو: مصراييم في هذا التقسيم الإثني يقصد بها مصر في جزيرة العرب (أي إقليم مصر). أما الباحث فرج الله صالح الديب فله رأي يخالف ذلك، وهو أن مصر التوراتية ما هي إلا منطقة السحول اليمنية والمسماة سرة اليمن أو مصر اليمن.
هكذا أصبحت مصر إقليما في جزيرة العرب، ولكن؛ هل يوجد في النقوش العربية ما يؤكد هذا الطرح؟ هناك نقش معيني يرجع إلى عهد الملك معين (أبيدع يثع) وابنه (معد كرب إل يفع) من النقوش التي عثر عليها في مدينة براقش (يثل في النقوش)، وهو في مدونة النقوش الفرنسية (ربرتورا/3022) وصاحباه هما:
عم صدق / بن / حم عثت / ذ يفعن / وسعدم / بن / علج / ذ ضفجن أي: (عمي صدق بن حمى عثت ذي يفعن) و (سعد بن علج ذي صفجين) يصفان نفسيهما بأنهما: كبرى / مصرن / ومعن / مصرن أي: (كبرى مصرن ومعين مصرن). وهذه إشارة إلى إقليم أو منطقة تعرف حتى النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد بـ: مصرن أو المصر، إذا اعتبرنا النون هي لاحقة التعريف العربية الجنوبية، وبهذا فقبيلة معين (معن) هي جزء من إقليم مصرن / المصر.
ويعلق على ذلك د. عبد العزيز صالح قائلا: ثمة قضية قديمة جديرة بالاعتبار، لا بأس من ذكر مناقشتها في هذا المقام، لاحتمال صلتها بمصر ... وهي أن بعض النصوص العربية الجنوبية ذكرت اسم "معن مصرن"، وعنت به منطقة ما في شمال شبه الجزيرة العربية، كان يقيم بها أو يشرف عليها كبير أي وال من دولة معين اليمنية الجنوبية. وفي تعيين منطقة "معن مصرن" هذه وتحليل اسمها رأى عدد من باحثي الجيل الماضي، ولا يزال يأخذ برأيهم الأستاذ أدولف جروهمان في كتابه ( صلى الله عليه وسلمrabien) الذي أصدره 1963، أن الاسم يعني واحة العلا أو عاصمة ددان بعد أن ظهر فيها النفوذ التجاري والسياسي لدولة معين الجنوبية، وجعلها أكبر مراكز التجارة المعينية في مال شبه الجزيرة، وترتب على ذلك أن عرفت الواحة باسم عميلتها الكبرى "معن" أي معين الجنوبية، ولكن؛ مع تخصيصها بصيغة "مصرن" التي قد تعني معنى الحد أو الحاجز. على انه ثمة افتراضا آخر نشير إليه على سبيل التحوط وتقليب المشكلة التاريخية على كل وجوهها، وهو احتمال دلالة اسم "معن مصرن" على معان المصرية، في أقصى شمال الحجاز لدى الحدود الأردنية، وقد ورد اسمها في بعض المصادر الإسلامية فعلا مرادفا لاسم معان الحجازية، وفي مقابل معان المالية، لكنه افتراض فيه بعض الضعف، بسبب ما ذكرته النصوص المعينية الجنوبية عن إقامة كبير معين أو والي معين في "معن مصرن"، وليس ن بينة معروفة على امتداد نفوذ دولة معين اليمنية إلى قرب الحدود الأردنية، وإنما هو نفوذ اقتصر مداه الشمالي القديم على واحة لحيان في حدود ما نعلمه من المصادر حتى الآن.
وقد أثارت (معن مصرن) أو (معين مصرن)، جلا شديدا بين العلماء، ولاسيما علماء التوراة، فذهب بعضهم هوغو ونكلر ( Hugo Winckler) إلى أن مصر أو مصرايم ( Mizraim) الواردة في التوراة ليست المعروفة التي يرويها نهر النيل، بل أريد بها (معين مصران)، وهو موضع تمثله (معان) في الأردن في الزمن الحاضر. وإن لفظ ( Pصلى الله عليه وسلمRO) التي ترد في التوراة أيضا لقبا لملوك مصر، والتي تقابلها لفظة فرعون في العربية، لا يراد بها فراعنة مصر، بل حكام (معين مصران)، وأن عبارة هاكرهم مصريت Hصلى الله عليه وسلمGصلى الله عليه وسلمR Hصلى الله عليه وسلمM _ MISRITH)، بمعنى هاجر المصرية، لا تعني هاجر ن مصر المعروفة، بل من مصر العربية، أي ن هذه المقاطعة التي تحدث عنها (معن مصرن) وإن القصص الواردة في التوراة عن مصر وعن فرعون، هي قصص تخص هذه المقاطعة العربية، وملكها العربي.
¥