ـ[ابراهيم عبد القادر]ــــــــ[16 Sep 2008, 03:21 ص]ـ
ن الله سبحانه وتعالى قد وضع لهذا الكون بما فيه من مخلوقات خلقها قانون واحد لاغير ونظام متوازن يحكم كل شيء، وهذا عكس ما يدعيه بعض العلماء بفوضوية الكون، وهذا القانون متوازن وعادل ولا خلل فيه ولكن بالنسبة للبشر فأن هذا القانون غامض غير معروف بسبب ادراكهم المحدود. بتأمل الاية الكريمة (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) [الرحمن: 7] وعظمة كل كلمة فيها نجد إن الميزان الذي رفع الله به السماء هي نعمة من نعم المولى عز وجل ينبغي التفكر فيها، وهي معجزة إلهية لم يتمكن العلماء من كشف أسرارها إلا في أواخر القرن العشرين، وهذا يشهد على إعجاز هذه الآية الكريمة.
قصة النبي شعيب عليه السلام والميزان:
أرسل الله تعالى شعيبا إلى أهل مدين وكانوا يعبدون الأيكة (وهي شجرة) وكانوا ينقصون المكيال والميزان ولا يعطون الناس حقهم فدعاهم الى عبادة الله وان يخافوا الله في تعاملاتهم مع الناس، فقال تعالى (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) [هود: 84]. ينتقل النبي إلى قضية المعاملات اليومية، قضية الأمانة والعدالة وكان أهل مدين ينقصون المكيال والميزان، ولا يعطون الناس حقهم. فجاء نبيهم وأفهمهم ان هذه سرقة وأنه يخاف عليهم من عذاب يوم القيامة (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [هود: 85] ولايزال شعيب عليه السلام يدعوهم ويوصيهم أن يوفوا المكيال والميزان بالعدل والحق ويحذرهم من أن لا يقللوا من قيمة أشيائهم وان الاشياء لاتقتصر على البيع والشراء وانما تشمل الاعمال اي اياكم من ظلم الناس في معاملاتكم واعطاء الاجير اجره كاملا من غير نقص. واذا لم تنتهوا مما انتم عليه من كفر وعصيان فأن كل هذا سوف يؤدي الى انهيار المجتمع ودماره وهذا ما كان عليه نهاية قوم شعيب بعد رفضهم ان يستجيبوا لدعوة نبيهم فكان عقابهم غضب الله عليهم بأن أوحى الله إلى شعيب أن يخرج من القرية ويأخذ معه المؤمنين وجاء أمره تعالى وهي صيحة واحدة (صوت جاءهم من غمامة أظلتهم) ولعلهم فرحوا بما تصوروا أنه ما تحمله من المطر ثم فوجئوا أنهم أمام عذاب يوم عظيم وكانت نهايتهم جاثمين بدون اي حركة في ديارهم من هول الصيحة [1].
ما جاء عن لسان المفسرين في كلمة الميزان
في هذا الجانب سوف اذكر مختصرا ما جاء عن لسان بعض المفسرين واخترت منهم القرطبي وابن الكثير رحمهم الله واثابهم، لابين ان كل ما جاءوا به اجمالا وتفصيلا عن الميزان هو العدل في المعاملات، فما جاء في تفسير القرطبي من قوله تعالى: " وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ " أي بالاعتدال في الأخذ والعطاء عند البيع والشراء. والقسط: العدل.
وقوله: "والسّماءَ رَفَعَها" يقول تعالى ذكره: والسماء رفعها فوق الأرض. وقوله: "وَوَضَعَ المِيزَانَ" يقول: ووضع العدل بين خلقه في الأرض. وقوله: "ألاّ تَطْغَوْا فِي المِيزَانِ" يقول تعالى: ألا تظلموا وتبخَسُوا في الوزن. وقوله: "وأقِيمُوا الوَزْنَ بالقِسْطِ" يقول: وأقيموا لسان الميزان بالعدل. وقوله: "وَلا تُخْسِرُوا المِيزَانَ" اي ولا نتقصوا الوزن إذا وزنتم للناس وتظلموهم. والاية الكريمة (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [هود: 85] يقول تعالى أوفُوا الناس الكيل والميزان بالقسط, بالعدل. ونوجز عن ابن الكثير في تفسيره للاية الكريمة (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ) [الرحمن: 7] يقول فيها بما معناه ان الله خلق السموات والارض بالعدل لتكون الاشياء كلها بالحق [2]. هذا ما ورد عن المفسرين ولكن لكل زمان تفسير لان القرآن جاء متكامل ويتفق مع كل عصر وبما انه الان نحن في عصر التكنلوجيا الحديثة وعصر غزو الفضاء فلا بد من تفسير يتفق مع هذا التقدم وهذا ما
¥