ـ[أبو المهند]ــــــــ[10 Sep 2008, 02:19 م]ـ

حياكم الله يا أبا دعاء ودونك الجواب من عيون أساطير شرَّاح السنة:

" قال صاحب تنوير الحوالك:" قال الحليمي يحتمل أن يكون المراد بالشياطين مسترقي السمع منهم لأنهم كانوا منعوا في زمن نزول القرآن من استراق السمع فزيدوا التسلسل في رمضان مبالغة في الحفظ

وعند الحافظ في مقدمة الفتح:" قَالَ عِيَاض: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَامَة لِلْمَلَائِكَةِ لِدُخُولِ الشَّرِّ وَتَعْظِيم حُرْمَتِهِ وَلِمَنْعِ الشَّيَاطِين مِنْ أَذَى الْمُؤْمِنِينَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِشَارَةً إِلَى كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعَفْوِ، وَأَنَّ الشَّيَاطِينَ يَقِلُّ إِغْوَاؤُهُمْ فَيَصِيرُونَ كَالْمُصَفَّدِينَ. قَالَ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا الِاحْتِمَالَ الثَّانِيَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ عَنْ اِبْن شِهَابٍ عِنْد مُسْلِم " فُتِحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ " قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَتْح أَبْوَابِ الْجَنَّةِ عِبَارَة عَمَّا يَفْتَحُهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ مِنْ الطَّاعَاتِ وَذَلِكَ أَسْبَاب لِدُخُولِ الْجَنَّةِ، وَغَلْق أَبْوَاب النَّارِ عِبَارَة عَنْ صَرْفِ الْهِمَمِ عَنْ الْمَعَاصِي الْآيِلَةِ بِأَصْحَابِهَا إِلَى النَّارِ، وَتَصْفِيد الشَّيَاطِين عِبَارَة عَنْ تَعْجِيزِهِمْ عَنْ الْإِغْوَاءِ وَتَزْيِين الشَّهَوَات. قَالَ الزَّيْن بْن الْمُنَيِّرِ: وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ، وَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إِلَى صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ ظَاهِرِهِ.

وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ بَعْدَ أَنْ رَجَّحَ حَمْله عَلَى ظَاهِرِهِ: فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ نَرَى الشُّرُورَ وَالْمَعَاصِيَ وَاقِعَةً فِي رَمَضَان كَثِيرًا فَلَوْ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا إِنَّمَا تَقِلُّ عَنْ الصَّائِمِينَ الصَّوْم الَّذِي حُوفِظَ عَلَى شُرُوطِهِ وَرُوعِيَتْ آدَابُهُ، أَوْ الْمُصَفَّد بَعْض الشَّيَاطِينِ وَهُمْ الْمَرَدَةُ لا كُلُّهُمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ ـ عند الترمذي "مردة الجن" كما صرح بذلك صاحب تنوير الحوالك ـ، أَوْ الْمَقْصُودِ تَقْلِيل الشُّرُورِ فِيهِ وَهَذَا أَمْر مَحْسُوس فَإِنَّ وُقُوع ذَلِكَ فِيهِ أَقَلّ مِنْ غَيْرِهِ، إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَصْفِيد جَمِيعهمْ أَنْ لَا يَقَعُ شَرّ وَلَا مَعْصِيَة لِأَنَّ لِذَلِكَ أَسْبَابًا غَيْر الشَّيَاطِينِ كَالنُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ وَالْعَادَات الْقَبِيحَة وَالشَّيَاطِينِ الْإِنْسِيَّة. وَقَالَ غَيْره: فِي تَصْفِيد الشَّيَاطِين فِي رَمَضَان إِشَارَة إِلَى رَفْع عُذْر الْمُكَلِّف كَأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ قَدْ كُفَّتْ الشَّيَاطِينُ عَنْك فَلَا تَعْتَلَّ بِهِمْ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ وَلَا فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ.

وقال صاحب تحفة الأحوزي:" قِيلَ قَدْ خُصَّ مِنْ عُمُومِ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ زَعِيمُ زُمْرَتِهِمْ وَصَاحِبُ دَعْوَتِهِمْ لَكَأَنَّ الْإِنْظَارَ الَّذِي سَأَلَهُ مِنْ اللَّهِ أُجِيبَ إِلَيْهِ فَيَقَعُ مَا يَقَعُ مِنْ الْمَعَاصِي بِتَسْوِيلِهِ وَإِغْوَائِهِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ التَّقْيِيدُ كِنَايَةً عَنْ ضَعْفِهِمْ فِي الْإِغْوَاءِ وَالْإِضْلَالِ"

فيض القدير:" (تنبيه)

علم مما تقرر أن تصفيد الشياطين مجاز عن امتناع التسويل عليهم واستعصاء النفوس عن قبول وساوسهم وحسم أطماعهم عن الإغواء وذلك لأنه إذا دخل رمضان واشتغل الناس بالصوم وانكسرت فيهم القوة الحيوانية التي هي مبدأ الشهوة والغضب الداعيين إلى أنواع الفسوق وفنون المعاصي وصفت أذهانهم واشتغلت قرائحهم وصارت نفوسهم كالمرائي المتقابلة المتحاكية وتنبعث من قواهم العقلية داعية إلى الطاعات ناهية عن المعاصي فتجعلهم مجمعين على وظائف العبادات عاكفين عليها معرضين عن صنوف المعاصي عائقين عنها فتفتح لهم أبواب الجنان وتغلق دونهم أبواب النيران ولا يبقى للشيطان عليهم سلطان فإذا دنوا منهم للوسوسة يكاد يحرقهم نور الطاعة والإيمان.

وأما عن القرين فله حكم صنفه كما سلف. والله الموفق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015