ـ[مروان الظفيري]ــــــــ[07 Sep 2008, 03:30 م]ـ
العلامة واللغوي والنحويّ الأستاذ الدكتور مازن عبد القادر المبارك:
البيئة العلمية للدكتور مازن المبارك:
نشأ الدكتور مازن المبارك في أسرة علم ونسب شريف، فأهله من سادات الجزائر المعروفين، الذين يتصل نسبهم بسيدنا الحسن بن علي رضي الله عنهما.
والعلامة محمد المبارك (توفي 1269هـ /1852م) هو جد هذه الأسرة الأكبر، وهو العالم المرشد الذي ذاع صيته في الأقطار، وتخرج به كثير من طلبة العلم في الجزائر، وكان الشيخ المبارك عالما عاملا ومجاهدا في سبيل الله، إذ نهض لمقاومة الاحتلال الفرنسي للجزائر، حتى ظهرت فرنسة المحتلة على جموع المجاهدين، فجمع الشيخ أهله وأقرباءه، وهاجر بهم إلى دمشق، في الهجرة الأولى، سنة 1263هـ، وهي المعروفة بهجرة العلماء.
واشتهر بعد الشيخ المبارك ابناه، محمد الطيّب، (توفي 1313هـ/1895م) ومحمد المبارك (توفي 1330هـ/1912م).
والسيد محمد المبارك هو والد العلامة اللغوي الأستاذ عبد القادر المبارك (توفي 1365هـ / 1945م)، والأستاذ عبد القادر هو والد الأساتذة المعروفين من آل مبارك، وهم الأستاذ المرحوم محمد (توفي 1402هـ / 1981م)، والأساتذة ممدوح وعدنان وهاني ومازن –أستاذنا الجليل-، وعبد الهادي.
والأستاذ عبد القادر المبارك عالم كبير، ولغوي ثقة، تلقى الكثير من المعارف اللغوية والأدبية والدينية على شيوخ عصره، كالشيخ أمين سويد، والشيخ بدر الدين الحسني، والشيخ عطا الكسم، وكان الأستاذ المبارك راوية، حافظا لكتب الأخبار والتراجم والتاريخ، ولم يكن شأنه، كما يقول نجله الأستاذ- محمد- مع اللغة العربية شأن عالم يدرسها أو يعلمها، ولكنه كان معها في حياة وجدانية نفسية، وكانت معاجم اللغة ولا سيما (لسان العرب) لابن منظور، بيئة يعيش في جوها ومع أصحابها.
ولذلك كانت اللغة تجري منه مجرى السليقة والطبع حتى غلبت عليه في مجالسه الخاصة، بل بين أهله وأولاده، والأستاذ المبارك من تلامذة الشيخ بدر الدين الحسني المعروفين، وكان من أكثر الناس قربا وخطوة عند الشيخ الحسني، وكثيرا ما كان الأستاذ المبارك يجلس إلى الحسني، ويسارّه في أمور المسلمين، وأحوالهم، إذ كان العلم والجهاد دأبهما معا ً، ومعروفة تلك الصلات الإنسانية والعلمية التي كانت تربط بين آل المبارك وآل الحسني، وقد أدرك أستاذنا الدكتور مازن الشيخ الحسني ونعم ببعض تلك الصلات التي ما زال يذكرها بالشوق والودّ والوفاء.
أما الأستاذ محمد المبارك توفي عام 1981م، فقد كان الشقيق الأكبر للدكتور مازن حفظه الله، وهو عالم لغوي ومربّ معروف، تسنّم العديد من المناصب العلمية والتعليمية والحكومية، وقد قرأ –إضافة إلى علوم الدين واللغة والتاريخ والأدب- علوم الحساب والهندسة والجبر، على الشيخ الحسني، ثم قصد فرنسة، وتلقى فيها العلوم الحديثة والثقافة العصرية، وعرف الأستاذ محمد – رحمه الله- بقربه من الشيخ الحسني ووفائه له، على نحو ما عرف به والده الأستاذ عبد القادر – رحمه الله-، وقد عني لذلك بالتأريخ للشيخ وسيرته، وتلمذته له في مقالين مطوليّن.
ولا شك في أنّ البيئة التي نشأ فيها الدكتور مازن كانت تستوفي مناحي الحياة، فاجتمع له منها ما لم يجتمع لغيره إلا نادرا، فهناك الأسرة التي وضعنا لمحات من حياة روادها الذين عرفوا بالعلم والجهاد ومنفعة الناس، وفيها الجدّ والأب والإخوة وسائر القربة.
وهناك المجتمع الذي عرف في الشام من مطلع القرن العشرين إلى منتصفه، وهو مجتمع ناهض، تصدى لمهام جسام، لم تكن تشغله عن العلم والتحصيل على اختلاف مستوياته، بل ربّما كانت حافزا له لامتلاك عناصر القوة التي بان أن ميزانها المادي ليس في صالح الوطن، ولذلك استبسلت أسرة المبارك في التعليم وإنشاء المدارس، حين كان ذلك مطلوبا وواردا، وهناك إضافة إلى ما تقدم المجمع والجامعة، وقد أسهم الأستاذ عبد القادر في عضويته، وعمل في لجانه، وحاضر في ملتقياته، وكذلك أسهم الأستاذ محمد في عضوية المجمع وبذل فيه ما كان متاحا في عصره، أما الجامعة فقد بدأت تخطو مع المجمع مقتصرة على الحقوق والطب بداية، على حين كانت
¥