آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)} كأنه يشير للمشركين والنصارى الذين عبدوا غير الله- تعالى- فكأنه بهذا ينبه المسلم إلى ضرورة الانقياد والتسليم والطاعة المطلقة لله تعالى تمهيدا للدخول في بقية الأحكام الفقهية الأخرى كالقصاص والصيام , وكل الفرائض التي افترضها الله علينا مبناها على هذا التسليم والانقياد لله تعالى فمبناها على إياك نعبد وإياك نستعين , فالمناسبة بينها وبين أي أحكام عقدية بعد ذلك تجدها واضحة ومرتبطة , ولذلك عندما نقول أن السور المدنية اشتملت على الأحكام الفقهية والشرعية والسور المكية اشتملت على العقائد فقد يفهم أحد من هذا أن السور المدنية ليس فيها ذكر للعقائد وأنها خالية منها وهذا غير صحيح فإنك تجد الحديث عن العقيدة بين الآيات التي تتحدث عن الأحكام الفقهية التفصيلة سواء قبلها أو بعدها ممهدات ومقدمات , وهذا من أسرار التفريق بين الأحكام الفقهية في القرآن الكريم , تجد حكم فقهي وبعده أو قبله تنبيه على مسألة عقدية كالإيمان بالله تعالى , ولو تأملت في القرآن الكريم تجد مسألة ظاهرة فإذا جاء النداء بـ "يا أيها الذين ءامنوا " تجد أن الأمر بعدها أمر بأحكام فقهية أو فرعية في الدين الإسلامي كالحج والصلاة , أما إذا جاء النداء بـ "يا أيها الناس " فيكون الأمر بعدها بأصول الإسلام فهو نداء موجه للمسلمين وغير المسلمين فهو أمر بالإيمان.

ونعود إلى أن النداء بوصف الإيمان هو أمر عقدي يستثير فيك هذه العقيدة التي تدفعك إلى الاستجابة لأي شرائع الدين.

الدكتور مساعد الطيار: في قضية ذكرتم بعض منها في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} ثم قال: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)} وهذه شهادة من الله لأهل الإيمان الذين يؤمنون به , لكن المقطع الأول قد يستغرب البعض حينما لا يفكر تفكيرا منطقيا فيقول كيف يعبد هذا حجرا , نقول إذا حصل التلبيس من إبليس عياذا بالله , صار هذا المعبود عند هذا العابد كأشد ما يكون , وأنت كي تزيل عنه الغشاوة والعمى الذي حصل له في سنين طويلة تحتاج إلى وقت لتبين له الخلل الذي وقع فيه , لأننا نرى أننا نمتلك الحق - ونحن ولله الحمد والمنة على الحق لا إشكال في ذلك فعندنا كتاب الله وسنة رسوله - لكننا لا نتعامل في الواقع مع الذي نراه من الناس بل نتعامل على أساس ما يفترض أن يكون عند كل أحد , فنحتاج أن نتنبه لذلك , فقد كنت في أحد المجالس وكان أحد الأخوة يدير نقاشا كيف ظل المسلمون على القبور والتبرك بها ودعاء أصحابها لأن في هذه البلاد يندر أن تجد مثل هذا وهذه نعمة من الله فإذا خرج إلى بلدان إسلامية أخرى يستغرب ويقول كيف يفعل هؤلاء مثل هذا , فنقول له لا تقيس هذا الأمر بهذا القياس ولكن انظر لتاريخ هذا الرجل وكيف عاش وكيف ربي على هذا فتحتاج أن تنزعه عما هو فيه شيئا فشيئا.

الدكتور محمد الخضيري: مما يؤكد هذا , لما جاء لقضية التوحيد في هذه الآيات قال: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163)} فذكر اسمين عظيمين , فذكر الألوهية فيها الرهبة , وهذا يسوقك إلى أن تخضع لهذه الألوهية وتذعن لها , فهي تحقيق الاستسلام والطاعة المطلقة لله , و عقبها بقوله الرحمن الرحيم فأعقبها برجاء , فهذه الأوامر والتوجيهات الربانية أعلموا أنها خفيفة عليكم والدليل على ذلك؛ التوحيد لما ذكره ذكر أدلته بسهولة وبصورة يفهمها كل شخص - وأذكر لما كنا في أمريكا نسأل الحارس ومن في البقالة لماذا الآلهة ثلاثة؟ فيقول لا أستطيع أن أفهم هذا الأمر ولا أستطيع أن أفهمك , فهذا لابد أن تحدث فيه البابا حتى يفهمك هذا الأمر , فأقول له: عقيدتنا يفهمها الصغير والكبير والعالم والجاهل والحر والعبد والأعرابي , وهذا من اليسر والرحمة بنا , فالحق الذي لدينا بسهولة تفهمه وبسهوله تُفهمه أيضا ونستوي في فهمه - فذكر دلائل الحق بكل

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015