الدكتور مساعد الطيار: هل هناك مانع أن نقول أن الله الله سبحانه وتعالى لما قال: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} و قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} أن يكون قد كان عندهم من العلم المجمل ما استنبطوا منه هذا الأمر - علم مجمل من الله - فالآن حصل قدر في وجود هذا الخليفة ,و الخليفة كما هو معلوم يخلف بعضه بعضا ,وهم يعلمون أنه سيدخل في محيط التكليف , فيكون عندهم من العلم المجمل ما استنتجوا من خلاله أن هذا الشيء سيقع منه وأقرهم الله عليه؟.

الدكتور محمد الخضيري: وقد قيل قول آخر وهو أنهم علموا ذلك إما بوحي أو إلهام , فالله أوحي إليهم أو ألهمهم ذلك فعرفوا أن ذلك سيقع منهم.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: عفوا يا دكتور محمد مالمانع أن تكون قبلهم مخلوقات سابقة وقد كانوا يعرفون هذا لكن هذا ما حكي لنا.

الدكتور مساعد الطيار: لا يمنع , ومن باب الفائدة بعض الناس- أحيانا - مثل هذا الأمر يكون كبيرا عنده , وتجده ينافح عنه , والقضية و السؤال هل أنت مطالب بهذا علما وعملا أو لا , ونحن نغفل -أحيانا كثيرة -عن هذه المسألة , ماذا أراد الله منا , فتجد أننا نقصر في ماذا أراد الله منا ونشتغل بماذا أراد الله بنا - القدر - فكونه وجد أو لم يوجد ما الفائدة , فلا فائدة عليمة ولا عملية لأن النتيجة منتهية.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: ممكن أن نقول أن هذا يلحق بالمبهمات في القرآن الكريم , فالمبهمات في القرآن الكريم هي الشخصيات التي وردت في القرآن الكريم غير محددة بالعين كقوله: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى} القصص: 20 , فمن هو هذا الرجل؟ هذا مبهم , وكقوله: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ} يوسف: 50, ما اسم الملك؟ هذا مبهم , فيقول العلماء: كل ما ورد في القرآن الكريم من المبهمات لا يتعلق به حكم و لا منه فائدة , ولولا أن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - سأل عن المبهم لقلنا أنه ليس من المشروع أن تبحث عنه , لكن أقول أنه يلحق بالمبهم؛ما سكت عنه في فواصل القصص القرآن , فهناك بعض المناطق في القصص القرآني ترك الحديث عنها , وليس هناك أدلة تملأ هذه الفراغات , فنرى أنه يعرض عن هذا.

الدكتور مساعد الطيار: إذن كيف استفيد من الموجود ولا أبحث عما سكت عنه , اذكر قديما ابن عقيل لما كان يلقي في الإذاعة تفسير التفاسير - إن لم تخني الذاكرة - نقل عن الخفاجي ولكن لا أدري من أين هذا النقل قرأت تفسيره لسورة الفاتحة بحثا عن هذا القول في قضية المحذوف , عندما يقول العلماء أن هذا فيه حذف , فكان يشدد في هذا ويقول أن هذا من القول على الله بغير علم أن تزعم أن الله قد ترك شيئا , هذا معناه.

الدكتور عبد الرحمن الشهري: ما ريكم في هذا القول فالمفسرين والنحويون إذا قالوا محذوف يقصدون محذوف تقديرا مثلا إذا سأل أحد:" أين محمد " فأجبت: " في البيت" ولم تقل:"محمد في البيت" فأنت حذفت محمد للعلم به لأنه ذكر , فالحذف في كلام المفسرين المقصود به هذا وليس المقصود ما سكت عنه من القصص أو التفاصيل.

الدكتور مساعد الطيار: أحيانا قد تدخل محذوفات في القصص من نفس هذا النوع , بعض الناس يسأل أين أم يوسف - عليه السلام , وأين أبو موسى - عليه السلام -.

الدكتور محمد الخضيري: صحيح أبو موسى ليس له أي ذكر.

الدكتور مساعد الطيار: أين أبي مريم؛عمران- و سيأتينا بمشيئة الله الكلام عنه - لم يذكر , ذكر اسمه فقط ولم يذكر عنه أي خبر.

فهناك شيء من الفراغات التاريخية , تدخل في هذا الجانب , جانب القدر الذي إن وصلنا إلى علم فيه فلا يزيدنا في قضية العمل , وإن كان فيه فائدة علمية , لكن ماذا أراد الله منا في جانب العمل هذا الذي يجب أن نحرص عليه و لا نقصر فيه.

الدكتور محمد الخضيري: استفدت من كلامك قبل قليل في قوله خليفة , فكثير من الناس يفهمون خليفة لله عز وجل والله عز وجل ليس بحاجة أن يخلفه أحد في شيء من ملكه - سبحانه وتعالى - لكن خليفة الصحيح من كلام أهل التفسير أنه يخلف بعضه بعضا , فالله خلق ابن آدم على وجه المخالفة بمعنى أنه يأتي جيل ثم بعده جيل وهكذا حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015