الدكتور محمد الخضيري: فهو مرجع في هذا الباب , وفي هذا الزمن كتاب لسمير زهيري اسمه موسوعة فضائل السور يمكن أن يرجع لها في هذا الباب فهو قد تكلم في كل هذه القضايا وحكم عليها بما يناسب.
الدكتور مساعد الطيار: اطلنا في موضوع الفضائل ونرجع لسؤال الحلقة السابقة وهو المقاصد.
الدكتور محمد الخضيري: الحقيقة أن الحديث عن المقاصد حديث مهم جدا في معرفة الإنسان لمقصود السورة لأن ذلك هو الذي يفهم الإنسان مقاطع السورة وكل قضاياها.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: طبعا يا دكتور محمد هل تقصد أن لكل سورة مقصد واحد أساسي؟
الدكتور محمد الخضيري: قد يكون هذا , وقد يكون لها أكثر من مقصد إذ لم نهتدي للمقصد الجامع , فقد يقال أن هذه السورة لها مقصدان وقد يقال أن لهذه السورة ثلاث مقاصد عامة, والحقيقة هذا محل اجتهاد , أحيانا يتضح من السورة كلها أنها ذات مقصد واحد خصوصا في السور القصيرة , مثل القارعة واضح جدا أن الحديث عن القيامة فلا يوجد أي إشكال في هذا الأمر.
وفي سورة الإخلاص الحديث عن الرب , وفي المعوذتان ذكر الشرور التي تجتاح الإنسان, وفي سورة الضحى النعم الحسية على رسول الله صلى الله عليه وسلم , وفي سورة الشرح النعم المعنوية على الرسول صلى الله عليه وسلم , وفي سورة الليل الإنفاق وما يتصل به.
أما بعض السور فتشكل عليك , مثلا لو جئت لسورة مثل آل عمران هل هي عن غزوة أحد أو هي عن النصارى الذين جاؤوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ونزلت فيهم قرابة بضع وثمانين آية من هذه السورة , وهكذا بعض سور القرآن , فنقول هذا محل اجتهاد لأهل العلم , يعني مسبح كل يخوض فيه بما يراه وعلى الإنسان أن يجتهد ويبحث عن ما يراه أكثر لصوقا بهذه السورة ووضوحا في آياتها.
الدكتور مساعد الطيار: يعني يا أبا عبد الله المقصد أن مقاصد السور اجتهادية هذا في الأصل؟
الدكتور محمد الخضيري: نعم.
الدكتور عبد الرحمن الشهري: كررنا كم مرة كلمة توقيفي واجتهادي وقد يكون بعض المشاهدين لا يعرف معناها , فالتوقيفي المقصود بها أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي ذكره ونص عليه , فعندما نقول سورة الفاتحة اسمها التوقيفي الفاتحة , فهذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد سماها بهذا الاسم فكأنما أوقفنا على هذا الاسم لا نتعداه .. فنقف عنده هذا هو المعنى.
أما الاجتهادي فهو الاجتهاد من بعد النبي -صلى الله عليه وسلم - سواء قام به الصحابة أو التابعون أو أحد العلماء يجتهد فيسمي هذه السورة باسم آخر غير الذي سميت به.
الدكتور مساعد الطيار: الآن يا أبا عبد الله في مسألة مقاصد السورة قد يسأل سائل فيقول كيف اهتدي إلى مقصد السورة وهذا سؤال مهم جدا , سأبدأ الحديث بأن أقول أننا لما تكلمنا عن الأسماء النبوية وأشرتم في اللقاء السابق إلى أن الاسم النبوي بالنسبة لنا يكون محط نظر , في كون النبي صلى الله عليه وسلم وهو الحكيم سمى هذه السورة بهذا الاسم فما يصدر عنه يكون من أجل حكمة , فيكون إذن أول ما ننطلق منه لتبين المقصد هو اسم السورة فنربط بين مقصود السورة واسم السورة .. فهو أحد المرتكزات هذا إذا كان اسم السورة من الأسماء النبوية.
الدكتور محمد الخضيري: الثاني في نظري مقدمة السورة ففي الغالب بالتتبع تجد أن مقدمة السورة هي المنطلق لفهم كل قضايا السورة ..
الدكتور مساعد الطيار: وهو ما يسمى عند البلاغيين براعة الاستهلال.
الدكتور محمد الخضيري: فتلاحظ أنه كثير من المفسرين إذا أراد أن يستخرج مقصد السورة يلتفت إلى المقدمة ويحاول أن يربط بين المقدمة والخاتمة وسائر مقاطع السورة , فكأنه لما يقال للناس مثلا في سورة مريم: {كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)} مريم ,سمى بعض العلماء هذه السورة سورة الرحمة ,فجعل كل قضاياها في الرحمة, وذكر اسم الرحمن فيها وحدها 11 مرة , {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا (45)} مريم
فسموها بسورة الرحمة من هذا , وكذلك: {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى (2)} طه , فهناك علاقة بين السورة وهذه المقدمة التي استفتحت بها السورة , و أمثلة أخرى لهذا المعنى ..
¥