ولأنَّ المنقول عن الشافعي – رحمه الله – أنه قرأ القرآن ثلاث مرات كما نقله الشيرازي في شرح اللمع (2/ 668) وكذلك البيهقي بسنده عن المزني والربيع في كتابه أحكام القرآن للإمام الشافعي (1/ 39)، إلا أنهما قالا: " قال الشافعي: قرأت القرآن كل يوم وليلة ثلاث قراءات حتى وقفت عليه ". وأكثر المفسرين نقل هذا – أي الثلاث مرات _ كالألوسي في تفسيره (5/ 146) وكذلك في حاشية البيضاوي (3/ 178) وغيرهم.

الثانية: أنَّ سبب نزول الآية قد يكون له أثر في التفسير – فليُتأمل – على قول من قال إنها نزلت في طعمة بن أُبيرق عندما سرق درع قتادة بن النعمان، على قول بعض المفسرين كابن الجوزي في زاد المسير (2/ 190) والقرطبي في الجامع (5/ 375) والنيسابوري في أسباب النزول (1/ 172). وغيرهم.

أو على رواية أنها نزلت في بشر بن أبيرق حينما لَحِقَ بالمشركين فنزل على سُلافَة بنت سعد بن سُمَيَّة، على قول البعض الآخر كالترمذي في سننه (5/ 278) وقال حديث غريب. – ولعله ضعيف لأجل عمر بن قتادة ومحمد بن إسحاق _، وكذلك الحاكم (4/ 385) والطبراني في الكبير (19/ 9) وغيرهم. ولجمع من أهل الحديث كلام عليه بين محسّنٍ ومضعف كالشوكاني في فتح القدير (1/ 118) والألباني في صحيح سنن الترمذي (3285).

وقال بعضهم إن قصة طعمة بن أبيرق نزلت فيها آية المائدة: " والسارق والسارقة ....... " حكاها النيسابوري في أسباب النزول (1/ 186) ونسبه للكلبي! مع أنَّ الكلبي ذكره في التسهيل (1/ 211) عند آية " ومن يشاقق الرسول ... "، وابن الجوزي في زاد المسير (2/ 348).

الثالثة: مفهوم الإجماع عند الشافعي – رحمه الله – هو إجماع الصحابة – رضي الله عنهم – كما قال في الرسالة (409): " قال الشافعي: فقال لي قائل: قد فهمت مذهبك في أحكام الله ثم أحكام رسوله وأنَّ مَن قَبِلَ عن رسول الله فعن الله قَبِلَ، بأن الله افترض طاعة رسوله، وقامت الحجة بما قلتَ بأن لا يحل لمسلم علم كتاباً ولا سنةً أن يقول بخلاف واحد منهما، وعلمتُ أنَّ هذا فرض الله. فما حُجَّتُكَ في أن تتبع ما اجتمع الناسُ عليه، مما ليس فيه نصُّ حكم لله، ولم يحكوه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ أتزعم ما يقول غيرك أن إجماعهم لا يكون أبداً إلا على سُنَّة ثابتة وإن لم يَحْكُوها؟!

قال: فقلت له: أمَّا اجتمعوا عليه فذكروا أنه حكايةٌ عن رسول الله، فكما قالوا، إن شاء الله.

وأمَّا ما لم يحكوه؛ فاحتمل أن يكون قالوا حكاية عن رسول الله، واحتمل غيره، ولا يجوز أن نَعُدَّهُ له حكايةً، لأنه لا يجوز أن يحكي إلا مسموعاً، ولا يجوز أن يحكي شيئاً يُتَوهَّمُ، يمكن فيه غير ما قال.

فكنَّا نقول بما قالوا به اتباعاً لهم. ونعلم أنهم إذا كانت سنن رسول الله لا تَعْزُبُ عن عامَّتهم، وقد تَعْزُبُ عن بعضهم. ونعلم أن عامتهم لا تجتمع على خلاف لسنة رسول الله، ولا على خطأ، إن شاء الله. ".

وقال في كتابه الأم (5/ 138): " وواجب على الحكام والمفتين أن لا يقولوا إلا من وجه لزم من كتاب الله أو سنة أو إجماع؛ فإن لم يكن في واحد من هذه المنازل؛ اجتهدوا عليه حتى يقولوا مثلَ معناه. ولا يكون لهم - والله أعلم - أن يُحْدِثوا حكماً ليس في واحد من هذا ولا في مثل معناه. ".

فهذا الإجماع الذي قصده الشافعي هو إجماع الصحابة – رضي الله عنهم – لأنهم:

1. الذين بلغوا ما سمعوا عن رسول الله.

2. أنهم هم الذين لا تعزب عن عامتهم سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

الرابعة: أنّ من العلماء من اعترض على استدلال الإمام الشافعي – رحمه الله – ومنهم /

جمال الدين الأسنوي في كتابه نهاية السول شرح منهاج الوصول (2/ 81) وذكر تسعة اعتراضات وأجاب عنها بشيء من الاختصار فقال: " اعترض الخصم بتسعة أوجه: ........... ".

ومنهم علي السبكي في كتابه الإبهاج في شرح المنهاج (2/ 354) وذكر أيضاً تسعة أوجه اعتراضية، وقد نقل استدلال الشافعي، ثم ذكر الأوجه التسعة وأجاب عن كل اعتراض.

على أنَّ إمام الحرمين أبو المعالي الجويني ذكر في كتابه البرهان في أصول الفقه (1/ 435) أنّ تلك الاعتراضات متكلفة فقال: " فإذا أجمع المؤمنون على حكم في قضية فمن خالفهم فقد شاقهم المعترضون، وظني أن معظم تلك الاعتراضات الفاسدة تكلفها المصنفون حتى ينتظم لهم أجوبة عنها ولسن لأمثالها ".

ومنهم محمد الرازي في كتابه المحصول في علم الأصول (4/ 46) فقد ذكر شيئاً مما استُشكل حول الاستدلال بالآية على الإجماع وكلامه جميل وأجاب عليه.

ولولا طولها لذكرتها مع الردود.

والله تعالى أعلم

ـ[أم الأشبال]ــــــــ[21 عز وجلec 2009, 09:40 ص]ـ

الحمد لله وحده

/// أنبه أخي الكريم أبا الأشبال إلى أن قوله:

كان يحسن به أن يجعله: "أقوى اعتراض على الاستدلال بهذه الآية"

ومعلوم أنه لا يقصد إلا هذا، ولكن نبهته من باب ((لا تقولوا راعنا)) .. بارك الله فيكم.

شكرا لك أخي الكريم، وتنبيه في محله، أستغفر الله وأتوب إليه.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015