تأمل قوله تعالى: {وذا النون إذ ذهب مغاضبا} [الأنبياء:87] وقوله تعالى: {ولا تكن كصاحب الحوت} [القلم:48] تجد أنه أضاف كلمة (ذا) إلى (النون)، وكلمة (صاحب) إلى (الحوت) والمقصود واحد وهو يونس عليه السلام وسر ذلك -والله أعلم- أن النون اسم للحوت العظيم، وكلمة (ذا) تطلق مع ما يدل على العظمة. [د. عويض العطوي]

في قوله تعالى {قد علمنا ما تنقص الأرض منهم} [ق:4] عبر بالانتقاص دون التعبير بالإعدام والإفناء؛ لأن للأجساد درجات من الاضمحلال تدخل تحت معنى النقص، فقد يفنى بعض أجزاء الجسد ويبقى بعضه، وقد يأتي الفناء على عامة أجزائه، وقد صح أن عجب الذنب لا يفنى, فكان فناء الأجساد نقصا لا انعداما. [ابن عاشور]

{ومن شر حاسد إذا حسد} العائن حاسد خاص، وهو أضر من الحاسد؛ ولهذا جاء في السورة ذكر الحاسد دون العائن؛ لأنه أعم، فكل عائن حاسد ولا بد, وليس كل حاسد عائنا، فإذا استعاذ العبد من شر الحسد دخل فيه العين، وهذا من شمول القرآن الكريم وإعجازه وبلاغته.

[ابن القيم]

قوله تعالى لنبيه: {فلا تطع المكذبين} [القلم:8] ذلك أبلغ في الإكرام والاحترام، فإن قوله: لا تكذب، ولا تحلف، ولا تشتم، ولا تهمز، ليس هو مثل قوله: لا تطع من يكون متلبسًا بهذه الأخلاق؛ لما فيه من الدلالة على تشريفه وبراءته من تلك الأخلاق.

[ابن تيمية]

{يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين * قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء} [هود:42، 43] إن سلوك طريق المؤمنين ومجالستهم، والانحياز إليهم هو سبيل النجاة الحقة؛ لأنهم في كنف الله وعنايته، حتى وإن تقاذفتهم الفتن، وكانت أسبابهم يسيرة، كسفينة من خشب في أمواج كالجبال، كما أن سلوك طريق الكافرين والمنافقين والانحياز إليهم هو سبيل الهلاك، حتى وإن توفرت لهم الأسباب المادية المنيعة كالجبال في علوها وصلابتها. [فهد العيبان]

قال بعض السلف: متى أطلق الله لسانك بالدعاء والطلب فاعلم أنه يريد أن يعطيك؛ وذلك لصدق الوعد بإجابة من دعاه، ألم يقل الله تعالى: {فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان}.

[البقرة:186] [شرح الحكم]

{ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك} [آل عمران:159] ليعتبر بهذه الآية من يتولى أمرا يستدعي أن يكون بجانبه أصحاب يظاهرونه عليه, حتى يعلم يقينا أن قوة الذكاء وغزارة العلم، وسعة الحياة وعظم الثراء: لا تكسبه أنصارا مخلصين, ولا تجمع عليه من فضلاء الناس من يثق بصحبتهم, إلا أن يكون صاحب خلق كريم، من اللين والصفح والاحتمال.

[محمد الخضر حسين]

{إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت} [هود:88] أي: ليس لي من المقاصد إلا أن تصلح أحوالكم، وتستقيم منافعكم، وليس لي من المقاصد الخاصة لي وحدي، شيء بحسب استطاعتي، ولما كان هذا فيه نوع تزكية للنفس، دفع هذا بقوله: {وما توفيقي إلا بالله}. [ابن سعدي]

تأمل في خطاب شعيب لقومه: {أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا، وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت} [هود:88] فلهذه الأجوبة الثلاثة -على هذا النسق- شأن: وهو التنبيه على أن العاقل يجب أن يراعي في كل ما يأتيه ويذره أحد حقوق ثلاثة: أهمها وأعلاها حق الله تعالى، وثانيها: حق النفس، وثالثها: حق الناس. [البيضاوي]

{إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم} [البقرة:218] لو قال قائل في هذه الآية العظيمة: أنا أرجو رحمة الله وأخاف عذابه. ننظر: هل هو من المتصفين بهذه الصفات؟ فإن كان كذلك فهو صادق، وإلا فهو ممن تمنى على الله الأماني؛ لأن الذي يرجو رحمة الله حقيقة، لا بد أن يسعى لها. [ابن عثيمين]

من بلاغة القرآن ما فيه من أسلوب الاحتراس إذا خشي أن يفهم من الآية خلاف المقصود، ولذلك أمثلة، منها: ما حكاه الله عن النملة: {لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون} [النمل:18] , فقوله: (وهم لا يشعرون) احتراس يبين أن من عدل سليمان وفضله وفضل جنوده أنهم لا يحطمون نملة فما فوقها إلا بألا يشعروا. [الزركشي]

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015