العارف إنما يشكو إلى الله وحده, وأعرف العارفين من جعل شكواه إلى الله من نفسه لا من الناس، فهو يشكو من تقصيره الذي كان من أسباب تسليط الناس عليه، ناظر إلى قوله {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} {وما أصابك من سيئة فمن نفسك} {قل هو من عند أنفسكم} فيعود إلى نفسه فحاسبها، ويرى مواطن الزلل فيها فيصلحها.

(ابن القيم، بتصرف)

{إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} [ق:37] من يؤتى الحكمة وينتفع بالعلم على منزلتين: إما رجل رأى الحق بنفسه فقبله واتبعه؛ فذلك صاحب القلب، أو رجل لم يعقله بنفسه، بل هو محتاج إلى من يعلمه ويبينه له ويعظه ويؤدبه؛ فهذا أصغى فألقى السمع وهو شهيد، أي حاضر القلب. [ابن تيمية]

إذا عبر عن شيء بأحد أجزائه فهذا دليل على أنه ركن فيه ومن هنا أخذت ركنية الركوع والسجود في الصلاة من قوله: {يا أبها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون} [د. محمد الخضيري].

{أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا} [الكهف:71] هنا ملمح لطيف: فموسى عليه السلام قال: لتغرق أهلها، ولم يذكر نفسه ولا صاحبه، رغم أنهما كانا على ظهر السفينة؛ لأن هذه أخلاق الأنبياء: يهتمون بأوضاع الناس أكثر من اهتمامهم بأنفسهم، عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين. [د. عويض العطوي]

قوله تعالى: {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم} [القلم:51] أي يعينونك بأبصارهم، بمعنى يحسدونك؛ لبغضهم إياك .. وفي هذه الآية دليل على أن العين إصابتها وتأثيرها حق بأمر الله عز وجل. [ابن كثير]

قوله تعالى: {أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم} [الملك:22] شبه الكافر في ركوبه ومشيه على الدين الباطل بمن يمشي في الطريق الذي فيه حفر وارتفاع وانخفاض، فيتعثر ويسقط على وجهه، كلما تخلص من عثرة وقع في أخرى. [حاشية الجمل]

{وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله} [آل عمران:101] في الآية دلالة على عظم قدر الصحابة، وأن لهم وازعين عن مواقعة الضلال: سماع القرآن، ومشاهدة الرسول عليه السلام، فإن وجوده عصمة من ضلالهم. قال قتادة: أما الرسول فقد مضى إلى رحمة الله، وأما الكتاب فباق على وجه الدهر. [ابن عاشور]

من أوضح ما يكون لذوي الفهم: قصص الأولين والآخرين، قصص من أطاع الله وما فعل بهم، وقصص من عصاه وما فعل بهم. فمن لم يفهم ذلك ولم ينتفع به فلا حيلة فيه. كما قال تعالى: {وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص} [ق:36] ولهذا قال بعدها: {إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد} [ق:37]. [محمد بن عبدالوهاب]

{ثم استوى على العرش} [السجدة:3]، يقرن الله تعالى استواءه على العرش باسم (الرحمن) كثيرا؛ لأن العرش محيط بالمخلوقات قد وسعها. والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم، كما قال تعالى: {ورحمتي وسعت كل شيء} [الأعراف:56]، فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات، فلذلك وسعت رحمته كل شيء. [ابن القيم]

في قول إبليس: {أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين} علق الشنقيطي على ذلك فقال: بل الطين خيرٌ من النار؛ لأن طبيعة النار الخفة والطيش والإفساد والتفريق، وطبيعة الطين الرزانة والإصلاح، تودعه الحبة فيعطيكها سنبلة، والنواة فيعطيكها نخلة، فانظر إلى الرياض الناضرة وما فيها من الثمار اللذيذة، والأزهار الجميلة، والروائح الطيبة؛ تعلم أن الطين خير من النار. [أضواء البيان]

إذا تأملت قوله تعالى: {ولقد آتينا داوود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين} [النمل:15] بدا لك فضل العلم على كثير من نعم الحياة، قال السبكي: "فإن الله آتى داوود وسليمان من نعم الدنيا والآخرة ما لا ينحصر، ولم يذكر من ذلك – في صدر الآية – إلا العلم؛ ليبين أنه الأصل في النعم كلها". أ. هـ

فيا من أنعم الله عليه بسلوك سبيل العلم، لا زلت تفضل بعلمك أقواما، فاشكر الله على ذلك، وقل كما قالا: (الحمد لله الذي فضلني.) [إبراهيم الأزرق]

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015