ـ[نهاية الأرب]ــــــــ[10 صلى الله عليه وسلمug 2008, 11:42 م]ـ
لاشك أن التفاسير الكبار مليئة بفوائد ونفائس تشد إليها الرحال، لكنها في مطاوي الصفحات قابعة بين أثناء السطور، ولم يرها إلا القلة ممن قرأ ذاك الكتاب، ولم يدونها إلا بعض القارئين، وهي تحتاج إلى خريتٍ ذي همة ليستخرجها.
والحقيقة أننا اليوم أحوج ما نكون للفهارس الموضوعية التي تفهرس الفوائد على الفنون، وتقرب الفوائد التي في غير المظان. ومن جميل كلام الدكتور محمود الطناحي رحمه الله قوله: ولو كان لي من الأمر شيءٌ في الدراسات العليا بالجامعات العربية لجعلت موضوع الماجستير والدكتوراه فهرسة كتاب من كتب التراث فهرسةً تفصيلية كاشفة. وسوف يكون هذا العمل مجدياً على الطالب وعلى الدراسات العليا نفسها، بدلاً من هذه الموضوعات التي تهرَّأت واستهلكت، وأصبحنا بها ندور حول أنفسنا. فإذا فُهرست كتب كل فنٍ من فنون التراث على هذا النحو الكاشف الجامع: أمكن لنا أن نقدم صورة حقيقية لفكرنا العربي الإسلامي، بدلاً من أن نغرق في مدحه ببلاهة، أو نسرف في ذمه بجهل. اهـ.
فيؤخذ- مثلاً- كتاب المغني لابن قدامة أو فتح الباري لابن حجر ونحوهما، فيقرَّر على الطالب أن يفهرس المسائل الفقهية، وآخر المسائل اللغوية وثالث للروايات التفسيرية .. وهكذا. وأذكر أن الشيخ ابن عقيل الظاهري اقترح مثل هذا.
فأقول: لم لا يؤخذ -على سبيل المثال- التحرير والتنوير لابن عاشور، وتفهرس فوائده فهرسة موضوعية، فيأتي المفسر ليفهرس تعقباته على المفسرين، ومسائل علوم القرآن ونحوها، ويأتي متخصص في اللغة ليفهرس مسائل اللغة والنحو البلاغة، وآخر لمسائل الفقه والحديث والاجتماع ...
فلا يجادل ذو نُهية في أهمية هذه الفهارس وجدواها.
وإنني أظن –والعلم عندالله- أن السيوطي كان يفهرس كتبه بهذه الطريقة، فإن الناظر في تآليفه يتعجب من التنظيم والترتيب، وضم النظير إلى النظير، واستخراج الفوائد من غير المظان، كل ذلك مع عزو القول لقائله وكتابه، وقد افتخر هو بهذه السجيَّة. واستظهر الدكتور الخرَّاط عن البغدادي صاحب الخزانة مثل هذا. بل لقد صرح الشيخ عظيمة في مفتتح كتابه العظيم: دراسات لأسلوب القرآن، أنه لم يؤلِّف هذا الكتاب حتى آب إلى كثيرٍ من الكتب ففهرس مسائل النحو وتوجيه القراءات فيها.
وهناك بعض الجهود المباركة التي نتمنى أن تصرف إلى مثلها أسنمة الأوقات، منها:
فهرس الشيخ عظيمة على كتاب سيبويه، وفهارس عبدالسلام هارون الكثيرة، وفهارس مسائل اللغة والنحو في تفسير الطبري لمحمود شاكر، وفهرس لخصائص ابن جني، وفهارس الشيخ مشهور بن حسن على مايحقق مثل إعلام الموقعين والموافقات وكشافه على تفسير القرطبي (وقد أخذته طبعة مؤسسة الرسالة لتفسير القرطبي دون الإشارة إليه!!)، ومثل كتب شيخ الإسلام وابن القيم التي تصدر عن دار عالم الفوائد وأشرف عليها الشيخ بكر أبوزيد؛ فإنهم التزموا الفهارس اللفظية، ومن آخر ماصدر المفتاح الكبير لتفسير ابن كثير لسمير إسماعيل، في جهود مباركة أخر.
وإنني أتساءل ما الذي يصرف الجهود عن مثل هذه الأعمال؟
أهو طمع الناشرين وعدم تبنيهم لها لقلة عائدها المالي، مثل ماعانى معهم الشيخ مصطفى البيومي المفهرس المشهور؟
أم لأن عمل الفهارس جافٌّ ممل؟
أم كما يقول الأستاذ محيي الدين عبدالحميد: بدل أن أشتغل بفهرسة كتاب أحقق ثلاثة كتب أخر؟
لا أعلم، لكنني أرجو أن نخرج - وقد يكون من هذا الملتقى المبارك- بفهرسة أحد التفاسير.
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[05 May 2009, 10:59 م]ـ
بارك الله فيكم يا أبا عمار، وهي فكرة قيمة لو تيسر تنفيذها لكان نفعها عظيماً للمفهرس والباحث على حد سواء.