إن الدعاء حيث ورد في المصحف فهو إذن من الله للمؤمنين أن يدعوه به فليس هو من الاعتداء في الدعاء وإنما هو دعاء الله بما علمنا من الكتاب المنزل من عنده أنه من وعده.

فإن كان الدعاء في الكتاب فهو وعد سيتم نفاذه في الدنيا أو الآخرة أو فيهما كما في قوله} ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار {البقرة 201 ومن الدعاء في الكتاب الذي سيقع نفاذه في الدنيا قوله} ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به {البقرة 286.

ومنه من قبل قوله} وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين {الأنبياء 89.

ومن الدعاء في الكتاب الذي سيقع نفاذه في الآخرة قوله} ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار {عمران 191 ـ 192.

وإن كان الدعاء من القرآن فهو وعد من الله سيتم نفاذه في الدنيا كما في قوله} اهدنا الصراط المستقيم {وقوله} واجعلنا للمتقين إماما {الفرقان 74 وقوله} ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا {عمران 193 وقوله} ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك {عمران 194 وسيأتي بيانه في من بيان القرآن.

وكان من علم النبيين أنهم لا يدعون الله إلا بما علموا من الكتاب المنزل عليهم أو علموا من الوحي إليهم أو علموا مما عرض عليهم أنه من وعد الله.

ولما دعا نوح ربه بما ليس له به علم بالوحي إليه به أوحي إليه كما في قوله} قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين {هود 46 ويعني قوله} إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح {صحة الحديث النبوي أن لا يرث الكافر المسلم.

ـ الأمر بالصبر

إن من تفصيل الكتاب وبيان القرآن أن التكليف بالصبر أو الوصف به حيث وقع في الكتاب المنزل فإنما يعني الإيمان بموعود والصبر على انتظاره من غير تعجل وكذلك دلالة قوله:

• ? فاصبر إن وعد الله حق {الروم 60 وغافر 55، 77

• ? فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون {خاتمة الأحقاف

ويعني تأكيد نفاذ وعد الله وأنه حق ولو تراءى بعيدا للمكلف بالإيمان به أو للمكلف بالصبر، وسيأتي بيان الأحرف الثلاثة أي حرف الروم وحرفي غافر في من بيان القرآن، وسيأتي بيان حرف الأحقاف في كلية النصر في ليلة القدر.

وإن من المثاني قوله:

• ? وإن كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين {الأعراف 87

• ? واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين {خاتمة يونس

• ? فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت {القلم 48

• ? واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا {الطور 48

ويعني حرف الأعراف أن رسول الله شعيبا قد أمر قومه مدين أن يصبروا ولا يتعجلوا حكم الله بين الطائفتين وهو صريح في أن الله قد وعدهم أن يحكم بين الفريقين في الدنيا فينجي المؤمنين ويهلك بالعذاب المجرمين.

ويعني حرف يونس أن الله وعد في القرآن أن يحكم بين الفريقين في الدنيا كما يأتي تفصيله وتحقيقه وبيانه في كلية النصر في ليلة القدر.

ويعني حرف القلم أن وعد الله المفصل في قوله} فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين {القلم 44 ـ 45 هو حكمه الذي كلّف النبيّ الأميّ r بالصبر على انتظاره.

ويعني حرف الطور أن الله قد كلّف النبيّ الأميّ r بالصبر على انتظار حكمه بين الفريقين في الدنيا كما هو مفصل في قوله} فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون واصبر لحكم ربك {الطور 45 ـ 48

وكان أمر النبي الأمي r بالصبر حيث وقع في الكتاب المنزل عليه من سنّته التي كلف بها ولزم من اتبعه أن يصبر وينتظر حكم الله ووعده كما بينت في حوار مع الأصوليين.

وإن قوله:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015