ثم يعتبر اللغة من أصول معرفة دلالة النص في الوقت الذي شكك بها، بل ويجعلها بعد كلام الفقهاء، والعجيب أن الفقهاء عمدتهم في بيان القرآن اللغة فيكون في كلامه دور يبطل أصل الكلام!! ثم ماالذي يجعل كلام الفقهاء مقدماً على كلام اللغويين، وأين الدليل في ذلك هل هو مجرد رأيه في المسألة، أو انتصاره للفقهاء أو رأيِ ما؟!
وحبذا لو يسعفنا الكاتب بتصحيح الفهم، لأن في كلامه مطبات كثيرة يصعب السير بوجودها.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[10 Jul 2008, 08:01 م]ـ
بارك الله فيك ...
1 - لأن علم الاستنباط علم ذو مسائل وأحد مسائلها الاستنباط من ظاهر النص، وهذا النوع من الاستنباط له أدواته منها السياق، ومنها ما ذكره الكاتب من تفسير القرآن بالقرآن وتفسير القرآن بالسنة وتفسير القرآن بالمأثور وتفسير القرآن باللغة، وهي المعروفة بطرق التفسير، فلم يأت بجديد سوى تسفيهه لعلماء أجلة أكدوا على مسألة تحكيم ظاهر النص خاصة لمن يستنبط بواطن دلالته باعتبار أدوات الاستنباط من دلالة النص الظاهرة كالزركشي والسيوطي وغيرهما.
ظاهر اللفظ إن أريد به نفس مراد المتكلم وتُوصل إليه بما ذكرتُ وذكرتَ فلا عيب ولا عتب ..
وواقع الحال غير هذا ...
والذي يتبع ما ذكرتَه وذكرتُه لن ترى قط في كلامه هذه العبارة: وظاهر الآية العموم إلا أنها خُصت بكذا وكذا ...
فهذه العبارة وأجناسها لا معنى لها أصلاً، ولا معنى ولا داعي لدراسة النص الواحد والحكم على ظاهره: ماهو (؟) ثم جعل هذا الظاهر حكماً وفيصلاً وحقاً يُتمسك به ..
وإنما سبيل دراسة النصوص وتفسيرها ما ذكرتَ وذكرتُ ..
2 -
يشكك بالمعاجم اللغوية ...... ثم يعتبر اللغة من أصول معرفة دلالة النص في الوقت الذي شكك بها، بل ويجعلها بعد كلام الفقهاء، والعجيب أن الفقهاء عمدتهم في بيان القرآن اللغة فيكون في كلامه دور يبطل أصل الكلام!!
هذا أوقعك فيه عدم التثبت والروية في تأمل الكلام؛فلسان العرب أصل يُرجع إليه في تفسير النصوص، والمعاجم هي إحدى سبل معرفة لسان العرب .. وما أوردناه إنما هو إلماحة إلى طريقة التعامل مع المعاجم وما يعتورها من نقص يجعلها غير موصلة دائماً إلى معرفة ما هو لسان العرب، وليس هذا تشكيكاً ولا دوراً ..
مثال: الأحاديث النبوية إحدى سبل معرفة تفسير القرآن .. فحين يُنبه الباحث على أن هناك أحاديث ضعيفة، وعلى أن هناك من الأحاديث ما هو نص في تفسير الآية، ومنها ما إسقاطه على الآية محل نظر واجتهاد=فإنه حينها لا يكون مشككاً في الأحاديث ولا متناقضاً حين جعل الأحاديث مصدراً من مصادر التفسير ..
3 -
ثم ماالذي يجعل كلام الفقهاء مقدماً على كلام اللغويين، وأين الدليل في ذلك هل هو مجرد رأيه في المسألة، أو انتصاره للفقهاء أو رأيِ ما؟!
أما هذه فقد قال بها بعض أهل العلم وأنا موقن بصحة كلامهم فيها ولا علي ولا عليك إن اختلفنا فيها ..
1 - قال ابن تيمية: ((فالتأويل الثاني هو تفسير الكلام، وهو الكلام الذي يفسَّر به اللفظ حتى يفهم معناه أو تعرف علته أو دليله، وهذا التأويل الثالث هو عين ما هو موجود في الخارج، ومنه قول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي) يتأول القرآن (). تعني قوله تعالى: (فسبح بحمد ربك واستغفره)
" وقول سفيان بن عيينة: "السنة هي تأول الأمر والنهي.
فإن نفس الفعل المأمور به هو تأويل الأمر به، ونفس الموجود المخبر عنه هو تأويل الخبر، والكلام خبر وأمر.
ولهذا يقول أبو عبيد وغيره: الفقهاء أعلم بالتأويل من أهل اللغة. كما ذكروا ذلك في تفسير اشتمال الصماء،)).
2 - قال ابن تيمية بعدها: ((لأن الفقهاء يعلمون نفس ما أمر به ونفس ما نهي عنه، لعلمهم بمقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعلم أتباع أبقراط وسيبويه ونحوهما من مقاصدهم ما لا يعلم بمجرد اللغة)).
3 - قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في فتح الباري (2/ 398 - 399)
قال أبو عبيد: قال الأصمعي: اشتمال الصماء عند العرب: أن يشمل الرجل بثوبه، فيجلل به جسده كله، ولا يرفع منه جانبا فيخرج منه يده، وربما اضطبع فيه على تلك الحال.
قال: وأما تفسير الفقهاء؛ فإنهم يقولون: هو أن يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره، ثم يرفعه من احد جانبيه، فيضعه على منكبيه فيبدو منه فرجه.
قال أبو عبيد: والفقهاء أعلم بالتأويل في هذا، وذلك اصح معنى في الكلام. انتهى.
وجعل الخطابي: اشتمال الصماء: أن يشتمل بثوب يجلل به بدنه، ثم يرفع طرفيه على عاتقه الأيسر.
فإن لم يرفعه على عاتقه فهو اشتمال اليهود الذي جاء النهي عنه في حديث ابن عمر، وإنما كان النبي يشتمل بالثوب ويخالف بين طرفيه، فهو مخالف لهما جميعا.
وهذا الذي قاله أبو عبيد في تقديم تفسير الفقهاء على تفسير أهل اللغة حسن جدا.؛ فإن النَّبِيّ قَدْ يتكلم بكلام من كلام العرب يستعمله فِي معنى هُوَ أخص من استعمال العرب، أو أعم مِنْهُ، ويتلقى ذَلِكَ عَنْهُ حملة شريعته من الصَّحَابَة، ثُمَّ يتلقاه عنهم التابعون، ويتلقاه عنهم أئمة العلماء، فلا يجوز تفسير ما ورد في الحديث المرفوع إلا بما قاله هؤلاء أئمة العلماء الذين تلقوا العلم عمن قبلهم، ولا يجوز الإعراض عن ذلك والاعتماد على تفسير من يفسر ذلك اللفظ بمجرد ما يفهمه من لغة العرب؛ وهذا أمر مهم جدا، ومن أهمله وقع في تحريف كثير من نصوص السنة، وحملها على غير محاملها. والله الموفق.
¥