ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[28 Jun 2008, 11:25 ص]ـ

إذا فلدينا مشهد يجتمع الله عزوجل فيه هو والملائكة وجهنم , وهنا علينا أن نتذكر أن جهنم هي مرصاد! " إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً [النبأ: 21] " فجهنم مرصاد والله عزوجل بالمرصاد, ولكن جهنم "للطاغين مآبا" فهي مرجع الطاغين أما المؤمنين فمرجعهم إلى الله عزوجل ورحمته وجنته! فإذا جيء بجهنم يتذكر الإنسان –ونرجو أن يكون القارئ متذكرا لما طلبنا إليه الانتباه إليه عند حديثنا عن النسيان! - ولكن أنى له الذكرى, فلا فائدة من هذه الذكرى في هذا اليوم فلقد ذكّر الأنبياء في الدنيا ولكن لا سميع ولا مجيب! ولكن كان هناك ضغيان وفساد وإنشغال بالأرض! فهناك يندم الكافر فيقول "يا ليتني قدمت لحياتي" أي يا ليتني قدمت في الدنيا لحياتي الحقيقية لأن الحياة الدنيوية مهما طالت فهي منقطعة وزائلة أما حياة الآخرة فهي الباقية لذلك فهي الحيوان " وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [العنكبوت: 64] " فهي الحياة الباقية, فيتمنى أن يكون قدم لها ما ينجو به! ورأيت في تفسير الفخر الرازي احتمالا آخر جميلا نذكره:

" وثانيها: أنه تعالى قال في حق الكافر: {وَيَأْتِيهِ الموت مِن كُلّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيّتٍ} [إبراهيم: 17] وقال: {فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى} [طه: 74] وقال: {وَيَتَجَنَّبُهَا الأشقى * الذى يَصْلَى النار الكبرى * ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى} [الأعلى: 11 - 13] فهذه الآية دلت على أن أهل النار في الآخرة كأنه لا حياة لهم، والمعنى فياليتني قدمت عملاً يوجب نجاتي من النار حتى أكون من الأحياء." اهـ

فالمعنى وإن كان بعيدا –لكونه من الصعب أن يكون الكافر أو العاصي قد علم ما ذكره الله في كتابه بخصوص هذا الأمر, فكثير من المسلمين يغفلون عن هذه الآيات! - ولكنه جيد فنثبته!

ففي هذا اليوم يكون العذاب شديدا جدا ويكون عذابا مباشرا لا ينتظر زمانا أو يحتاج إلى عوامل أو تدخل من أحد " فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) ", فكما وضحنا فالإنسان يكون من الأسباب التي تؤدي إلى نزول العذاب به وبقومه في الدنيا فيكون هو بفعله من عذب نفسه –راجع العناصر التي عاب الله عزوجل على البشر فعلهم لها في السورة! - أما في الآخرة فليست هناك تداخلات أو أسباب أو ما شابه فالأمر كله لله فهو الذي يعذب وهو الذي يوثق! ولكن ليس هذا التعذيب لكل إنسان, وإنما هو لمن أهان نفسه أما من اتبع رضوان الله عزوجل, فله جزاء ومرجع آخران وهو " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) " والمراد من الرب هنا حتما هو الله عزوجل وليس بدن الإنسان كما قال بعض المفسرين, لأن الناظر في كتاب الله عزوجل يجد أن الله تعالى يقول: " ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [الأنعام: 164] , قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [السجدة: 11] , ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [الزمر: 7] , إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ [القيامة: 12] , إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ [القيامة: 30] " وكثير من الآيات المشابهة, وهي كله تدور في فلك إثبات معنى رجوع الإنسان إلى ربه, فكذلك هنا هذه الآية!

فالنفس المطمئنة بذكر الله عزوجل وبدينه وكتابه ترجع إلى الله راضية بفعل الله وقضائه في الدنيا وبثوابه في الآخرة, "فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30) " فتنضم النفس المطمئنة إلى باقي عباد الله عزوجل وتدخل جنة الله عزوجل. فهناك كانت جهنم مرصاد للطاغين مآبا, وهنا الجنة مرجع المتقين ففيها نعيم الله عزوجل.

فانظر أخي في الله إلى تلك السورة العظيمة التي قدمت تصورا بديعا لمراقبة الله عزوجل لعباده ولمحاسبته لهم وإعداده لهم في الدنيا والآخرة ما يستحقون وإنزاله في الوقت المناسب, وكيف أن السورة من أولها إلى آخرها تثبت أن الله عزوجل يحاسب الناس على ما قدمته أيديهم فلا يظلمهم وكيف أنهم هم الذين يظلمون أنفسهم فينزلون العذاب والهلاك بأنفسهم في الدنيا ثم يكون مآلهم في الآخرة إلى النار, أما الطائع المتقي فيُكرم في الدنيا ويكون مرجعه إلى جنة الله ورحمته في الآخرة, جعلنا الله وإياكم من أصحابها!

والسلام عليكم ورحمة الله!

.........................

ـ[أبو المهند]ــــــــ[28 Jun 2008, 11:45 ص]ـ

نفع الله بكم يا أستاذ عمرو، ولكن لو تفضلتم بتقسيط الرصيد وترك فسحة من الوقت خلف كل مشاركة لتشجيع القاريء على الاطلاع والكتابة لكان أجدى.

فالهمم عندما ترى ست مشاركات يخلف بعضها بعضا تكسل وتذهب ......

وفي المثل المصري العامي " عاوز تبني وتفرح ابني كل سنة مطرح" فتدبر {عاوز تبني وتتهنى خلِّي بنَّا يناول بنَّا} أي بناء

مع تحياتي

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015