الإمام الزمخشري, وكما قلنا سابقا ووضحنا أن القول بمحذوف في كتاب الله عزوجل قول لا دليل عليه ولا برهان وهو تخرص في إضافة كلمات ومعان إلى كتاب الله العزيز. إذا فجواب القسم هو قوله تعالى " إن ربك لبالمرصاد".

إذا فالله تعالى يقسم بأشياء على أنه لبالمرصاد ويأتي بين القسم والجواب بعدة آيات تتحدث عن الإهلاك وصب العذاب فيفهم بداهة أن هذه الآيات هي تصديق للمقسم عليه, وهذا هو العجيب في هذه السورة, فمن المألوف والمعروف أن الإنسان عندما يقسم على شيء فإنه يقسم بكذا على كذا ثم يبدأ بعد ذلك في تقديم الأدلة على ما يقول حتى يزيل الشك الذي يراود الإنسان بشأن المقسم عليه, أما هنا فنجد أن الله تعالى أقسم بمقسمات عدة ثم يقول بعد ذلك للإنسان دافعا إياه للتفكر فيها "هل في ذلك قسم لذي حجر" وقبل أن يأتي بجواب القسم يذكره بفعل الله عزوجل مع قوم كذا وكذا, فإذا أتى الإنسان إلى جواب القسم سلم حتما به وهو أن الله تعالى لبالمرصاد, فلقد قدم له مقدما الأدلة على الدعوى فيُرفع الاعتراض أو الشك قبل وقوعه!

وبما أن الله تعالى يقسم أنه لبالمرصاد ويقدم الأدلة التاريخية الهائلة على ذلك, فهناك حتما علاقة بين هذه المقسمات وبين المقسم عليه, فما هي هذه العلاقة في هذه المقسمات التي تحتاج إلى إعمال ذهن في استخراج العلاقة والصورة البديعة الموجودة فيها؟

في هذه المقسمات ثمة فجر وليال عشر وشفع ووتر وليل يسر , ويفترض أن تكون هذه الأشياء دليل على أن الله لبالمرصاد وأنه غير غافل عن العباد, فكيف هذا؟ وما هو هذا العامل المشترك وما هي هذه الصورة الموجودة في الآيات؟ نبدأ أولا بتحديد مدلول كل كلمة ثم نقدم بعد ذلك هذه الصورة:

الفجر معروف وهو الفجر! أي وقت ذهاب الليل والظلام ودخول الضوء والنهار, والفجر كما يبدو من بنائه يدل على الانفجار! وهو كما جاء في المقاييس:

"الفاء والجيم والراء أصلٌ واحدٌ، وهو التفتح في الشَّيء. من ذلك الفَجْر: انفِجار الظُّلمة عن الصُّبح. ومنه: انفجَرَ الماء انفجاراً: تفتَّحَ. والفُجْرَة موضع تفتُّح الماء. ثمَّ كثُر هذا حتَّى صار الانبعاثُ والتفتُّح في المعاصي فُجوراً. ......... " اهـ

ـ[عمرو الشاعر]ــــــــ[28 Jun 2008, 11:21 ص]ـ

فإذا نحن نظرنا في القرآن الكريم وجدنا أنه يأتي بهذا المعنى فهو إما انفجار ماء "ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة: 74] " (ونطلب إلى القارئ أن ينتبه إلى كلمة الحجارة الواردة في هذه الآية!) أو الفجر المعروف.

واستعملت العربية الفجر مع هذا المدلول لأن في هذا الوقت تنفجر الظلمة عن الصبح كما قال ابن فارس.

إذا فالفجر هو الفجر وهو معروف, ولا دليل في الآية على أنه فجر مخصوص أو صلاة الفجر فيحمل على الفجر, فما هي الليال العشر؟

الناظر في أقوال السادة المفسرين في هذا الشأن يجد عجبا, فما علاقة ليالي رمضان الأخيرة الذي لم يكن قد فرض صيامه بعد –تذكر أن هذه السورة هي العاشرة في النزول كما يروى- أو بعشر ذي الحجة, فهل كان الرسول أو المسلمون قد عرفوا أن الله سيبقى نظام الحج كما هو ولن يغيره؟ وكذلك نفس الوضع مع ليالي المحرم أو أي ليال ذكروها؟! وبغض النظر عن مكية السورة ومدنيتها وترتيب نزولها, ما علاقة هذه الآيات بالمقسم عليه وهو "إن ربك لبالمرصاد" وما علاقتها بهلاك عاد وثمود وفرعون؟! بداهة ليس هناك أي علاقة, إذا فيجب علينا أن نبحث عن ليال لها تعلق بهؤلاء الأقوام أو ببعضهم, والحق يقال أنه قد جال في خاطري أن تكون هذه الليال هي ليال موسى العشر " وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ [الأعراف: 142] " وقلت أن موسى له ذكر ضمني في السورة من خلال ذكر فرعون, ولكن ظهر بعد ذلك أن الآيات تتحدث عن فرعون وآله وجيشه ولم تذكر موسى فلا

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015