بإخلاف اَلنَّفَقَة، والبَرَكَةِ في اَلرَّزْق، قال تعالى: ? وَمَا أَنفَقْتُم من شَيء فَهُوَ يُخْلِفُهُ ? [سبأ: 39] .

وأعظمُ مَا دَخَلَ في هَذَا الوَعدِ مِنَ الكَرِيمِ الصَّادِقِ إنفاقها في هَذَا الطرِيقِ، وأفضَلُ ما ابتَذَلَ به العَبدُ قوَّتَهُ واستَفرَغَ له عَمل بَدَنِه هَذِه اَلأَعْمَال الَّتِي هِيَ حَقِيقَةُ الأَعمَارِ.

فحَقِيقَةُ عُمرِ العَبدِ مَا قَضَاهُ فِي طَاعَةِ سَيِّدِهِ، وَكُل عَمَلٍ وتَعَبٍ ومشقة لَيست بِهَذَا السَّبِيلِ فَهِيَ عَلَى العَبدِ لا لِلعَبدِ. ثُمّ َ مَا في ذَلِكَ مِن تَذَكُّرِ حَالِ العَابِدِينَ، وأَصفِيَائِه مِنَ الأنبيَاءِ والمرسَلين.

قال تعالى: ?واتخِذُوا مِن مَقَامِ إِبْرَاهِيم مُصَلًّى ? [البقرة: 125] .

والصَّحِيحُ: أنَّهُ مُفرَدٌ مضَاف يشمَلُ جَمِيعَ مَقَامَاتِه في الحجِّ مِنَ الطَّوَافِ والسَّعي والوُقُوفِ بالمشَاعِرِ والهَدي، وأصنَافِ مُتَعَبِّدَات الحج.

وقَالَ اَلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - في كُلِّ مَوطِنٍ مِن مَوَاطِنِ الحج ومشَاعِرِه: «لتَأخُذُوا عَتِّي مَنَاسِكَكُم» .

فَهُوَ تَذكِيرٌ لحالِ الخَلِيلِ إِبرَاهِيم - صلى الله عليه وسلم - وأهلِ بيتِه، وتَذكِير لحَالِ سِيد المرسَلِينَ وإمَامِهم.

وهَذَا أفضَلُ وأكمَلُ أَنْوَاع التَّذكِيرَاتِ للعظماء، تَذكِيرًا بِأَحْوَالِهِمْ الجَلِيلَةِ ومَآثرِهِم الجميلَةِ، والمتَذَكّرُ لِذَلِكَ ذَاكِر للَّه تَعَالَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015