وَمن بعدهمْ على خلاف مَا قَالَ انتهض دَلِيلا للرَّدّ عَلَيْهِ قَالَ ثمَّ إِن فِي عباراته مناقشات مِنْهَا قَوْله فَإنَّا لَا نتجاسر ظَاهره أَن الأولى ترك التَّعَرُّض لَهُ لما فِيهِ من التَّعَب وَالْمَشَقَّة وَإِن لم ينْهض إِلَى دَرَجَة التَّعَذُّر فَلَا يحسن قَوْله بعد تعذر وَمِنْهَا أَنه ذكر مَعَ الضَّبْط الْحِفْظ والإتقان وَلَيْسَت مُتَغَايِرَة وَمِنْهَا أَنه قَابل بِعَدَمِ الْحِفْظ وجود الْكتاب فأفهم أَنه يعيب من حدث من كِتَابه ويصوب من حدث عَن ظهر قلبه وَالْمَعْرُوف من أَئِمَّة الحَدِيث خلاف ذَلِك وَحِينَئِذٍ فَإِذا كَانَ الرَّاوِي عدلا وَلَكِن لَا يحفظ مَا يسمعهُ عَن ظهر قلب وَاعْتمد مَا فِي كِتَابه فَحدث مِنْهُ فقد فعل اللَّازِم لَهُ فَحَدِيثه على هَذِه الصُّورَة صَحِيح قَالَ وَفِي الْجُمْلَة مَا اسْتدلَّ بِهِ ابْن الصّلاح من كَون الْأَسَانِيد مَا مِنْهَا إِلَّا وَفِيه من لم يبلغ دَرَجَة الضَّبْط المشترطة فِي الصَّحِيح إِن أَرَادَ أَن جَمِيع الْإِسْنَاد كَذَلِك فَهُوَ مَمْنُوع لِأَن من جملَته من يكون من رجال الصَّحِيح وَقل أَن يَخْلُو إِسْنَاد عَن ذَلِك وَإِن أَرَادَ بعض الْإِسْنَاد كَذَلِك فَمُسلم وَلَكِن لَا ينْهض دَلِيلا على التَّعَذُّر إِلَّا فِي جُزْء ينْفَرد بروايته من وصف بذلك أما الْكتاب الْمَشْهُور الْغَنِيّ بشهرته عَن اعْتِبَار الْإِسْنَاد منا إِلَى مُصَنفه كالمسانيد وَالسّنَن مِمَّا لَا يحْتَاج فِي صِحَة نسبتها إِلَى مؤلفها إِلَى اعْتِبَار إِسْنَاد معِين فَإِن المُصَنّف مِنْهُم إِذا روى حَدِيثا وَوجدت الشَّرَائِط فِيهِ مَجْمُوعَة وَلم يطلع الْمُحدث المتقن المطلع فِيهِ على عِلّة لم يمْتَنع الحكم بِصِحَّتِهِ وَلَو لم ينص عَلَيْهَا أحد من الْمُتَقَدِّمين