طرابلس الشَّام فِي آخر الْقرن الْمَاضِي أَن ذهب بعض شُيُوخ الشَّافِعِيَّة إِلَى الْمُفْتِي وَهُوَ رَئِيس الْعلمَاء وَقَالَ لَهُ اقْسمْ الْمَسَاجِد بَيْننَا وَبَين الْحَنَفِيَّة فَإنَّا فلَانا من فقهائهم يعدنا كَأَهل الذِّمَّة بِمَا أذاع فِي هَذِه الْأَيَّام من خلافهم فِي تزوج الرجل الْحَنَفِيّ بِالْمَرْأَةِ الشَّافِعِيَّة وَقَول بَعضهم لَا يَصح لِأَنَّهَا تشك فِي إيمَانهَا يَعْنِي أَن الشَّافِعِيَّة وَغَيرهم يجوزون أَن يَقُول الْمُسلم أَنا مُؤمن إِن شَاءَ الله وَقَول آخَرين بل يَصح نِكَاحهَا قِيَاسا على الذِّمِّيَّة
قد حصل التناحر العجيب بن الْمذَاهب بِحَيْثُ لم يكن يحب صَاحب مَذْهَب أَن تبقى الْمذَاهب الْأُخْرَى وَذَلِكَ تَحت رِعَايَة الدولة يَقُول المقريزي وَكَانَت الأفريقية الْغَالِب عَلَيْهَا السّنَن والْآثَار إِلَى أَن قدم عبد الله بن فروج أَبُو مُحَمَّد الْفَارِسِي بِمذهب أبي حنيفَة ثمَّ غلب أَسد بن الْفُرَات بن سِنَان قَاضِي أفريقية بِمذهب أبي حنيفَة ثمَّ أَن الْمعز بن باديس حمل جَمِيع أهل إفريقية على التَّمَسُّك بِمذهب مَالك وَترك مَا عَداهَا من الْمذَاهب فَرجع أهل إفريقية وَأهل الأندلس كلهم إِلَى مَذْهَب مَالك إِلَى الْيَوْم رَغْبَة فِيمَا عِنْد السُّلْطَان وحرصا على طلب الدُّنْيَا فَكَانَ الْقَضَاء والإفتاء فِي جَمِيع تِلْكَ المدن وَسَائِر الْقرى لَا يكون إِلَّا لمن تسمى بالفقه على مَذْهَب مَالك فاضطرت الْعَامَّة إِلَى أحكامهم وفتاواهم فَفَشَا هَذَا الْمَذْهَب هُنَاكَ فشوا طبق تِلْكَ الأقطار كَمَا فَشَا مَذْهَب أبي حنيفَة بِبِلَاد الْمشرق وَذكر الْحَافِظ أَبُو الْفِدَاء إِسْمَاعِيل بن كثير الدِّمَشْقِي أَن الْملك الْأَفْضَل ابْن