هَذَا ومقصودنا إِنَّمَا هُوَ بَيَان أَن الأَصْل الْأَصِيل والأساس الَّذِي يَنْبَنِي عَلَيْهِ التأصيل أَنه لَا يقبل كَلَام أحد من دَعْوَى يدعيها أَو قصَّة يَرْوِيهَا إِلَّا بإفاضة الدَّلِيل على دَعْوَاهُ والبرهان على صدق مَا رَوَاهُ فَإِذا قَامَ الْبُرْهَان وَبَينه بِمَا تقبله الْعُقُول والأذهان وَجب قبُول قَوْله وتصديق منقوله
وَإِذا عرفت هَذَا الأَصْل الْجَلِيل عرفت أَن الْمُقَلّد قبل قَول من قَلّدهُ من غير أَمارَة وَلَا دَلِيل فَإِن حَقِيقَة التَّقْلِيد قبُول قَول الْغَيْر من دون حجَّة مقاله أَن يَقُول لَك الْعَالم مثلا المنى طَاهِر وَيَقُول لَك عَالم آخر بل هُوَ نجس فَإِن قبلت قَوْله فَهَذَا قَول صدر من الْعَالم وَلم يَأْتِ لَك بِدَلِيل عَلَيْهِ وَمَا قبولك عالمان وَكِلَاهُمَا قَالَ لَك قولا لَازِما مَا لم يتَبَيَّن لَك دَلِيله وَكَون الْقَائِل بِأَنَّهُ طَاهِر من ديار الشَّافِعِيَّة وعلمائهم لَا يصير أحد الْقَوْلَيْنِ أرجح من الآخر عقلا وَشرعا فَإِن الديار والانتساب والاعتزاء إِلَى أَي عَالم من عُلَمَاء الْأمة لَا يصير بِهِ أحد الْقَائِلين محقا وَالْآخر مُبْطلًا ضَرُورَة عقلية وشرعية أَن الأوطان لَا أثر لَهَا فِي تَرْجِيح الْأَدْيَان وَأَن الانتساب والاعتزاء إِلَى أَي عَالم من عُلَمَاء الْأمة لَا يصير كَلَام من انتسب إِلَيْهِ حَقًا وَكَلَام من لم ينْسب إِلَيْهِ بَاطِلا فَإِن قلت الْعَالم إِنَّمَا روى لَهُ معنى الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة فالقائل إِنَّه نجس روى لنا معنى الْأَحَادِيث الْوَارِدَة بِغسْلِهِ وَالْقَائِل بِأَنَّهُ 2