قد علمت مِمَّا سقناه أَن الله وَله الْحَمد والْمنَّة قد قيض للمتأخرين أَئِمَّة من الْمُتَقَدِّمين جمعُوا لَهُم الْعُلُوم اللُّغَوِيَّة والحديثية من الأفواه والصدور وحفظوها لَهُم فِي الأوراق والسطور وذللوا لَهُم صعاب المعارف وقادوها إِلَى كل ذكي عَارِف ودونوا الْأُصُول واللغة بأنواعها مَعَ انتشارها واتساعها وأدخلوا عُلُوم الِاجْتِهَاد لأَهْلهَا من كل بَاب تَارَة بإيجاز وَتارَة بإسهاب وإطناب وَهَذَا شَيْء لَا شكّ فِيهِ وَلَا ارتياب وَلَا يجهله إِلَّا من لَيْسَ من أولي الْأَلْبَاب الَّذين نحوهم يساق هَذَا الْخطاب وَبعد هَذَا فَالْحق الَّذِي لَيْسَ عَلَيْهِ غُبَار الحكم بسهولة الِاجْتِهَاد فِي هَذِه الْأَعْصَار وَأَنه أسهل مِنْهُ فِي الْأَعْصَار الخالية لمن لَهُ فِي الدّين همة عالية ورزقه الله فهما صافيا وفكرا صَحِيحا ونباهة فِي علمي السّنة وَالْكتاب