تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر:62]، وقال جل وعلا: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات:96]، لكنه يخلق الأسباب، ويخلق بالأسباب.
خلافاً للقدرية؛ الذين يقولون: إن العبد يخلق فعل نفسه.
قوله: ((وقدَّر أرزاقهم وآجالهم)): والنصوص الدالة على هذا الأصل كثيرة، كما في قوله سبحانه: {لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَاخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [يونس:49]، وكما قال - عز وجل -: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا} [آل عمران:145]، وكما في قوله: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} [المنافقون:11]، فالله سبحانه وتعالى قد ضرب للعباد آجالاً مقدَّرة معلومة، لا يتأخرون عنها ولا يتقدمونها، وكما جاء في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - السابق.
قوله: ((يهدي من يشاء برحمته، ويضل من يشاء بحكمته)): فهو يهدي من يشاء بفضله ورحمته وحكمته، ويضل من يشاء بحكمته وعدله، فله الحمد على كل حال، والنصوص الدالة على هذا كثيرة، فمنها قوله تعالى: {يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [النحل:93]، وقوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ
يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا} [الأنعام:125].
قوله: (({لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:23])): وذلك لكمال حكمته سبحانه، وليس ذلك لقوته وعظمته وملكه، بل لكمال حكمته وتمامها، بل هو الحكيم -سبحانه- الذي له الحكمة البالغة.