الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيد الأولين والآخرين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين.
أما بعد؛
فإن الله عز وجل خلق الخلق لعبادته وحده لا شريك له، كما قال سبحانه: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56]، ولأجل ذلك أرسل الله الرسل، وشرع الملل، وفطر الخلق على هذا الأصل العظيم، ثم إن كثيرًا من الخلق اجتالتهم الشياطين، فنكست فطرهم، وقلبت أديانهم، ونقلتهم من نور الحنيفية السمحة إلى ظلام الضلالة والبدعة، وبقي صفوة من الخلق على جادة الملة السوية، والسنة المحمدية، فدارت رحى النزاع بين من وفقهم الله وهداهم من أهل السنة والجماعة؛ وبين طوائف البدعة من أهل الكلام والضلال، فكان علماء السنة لا يألون جهدا في بيان الحق للخلق، والدفاع عنه، وتنقيته من شوائب الضلالة، وتنوعت في ذلك طرائقهم، وكان من أشهرها: تلك المصنفات العظيمة التي ملئت حكمة وعلما، وكانوا ما بين