ثانياً: قالوا قد جاء في صحيح البخاري (حديث رقم 439) {عن عائشة أمّ المؤمنين أنّ وليدة سوداء كانت لحىٍّ من العرب فأعتقوها فجاءت إلى رسول الله عليه وسلم فأسلمت فكان لها خباء في المسجد أو حفش} .
فهذه امرأة ساكنة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والمعهود من النساء الحيض، فما منعها صلى الله عليه وسلم من ذلك ولا نهى عنه، وكل ما لم ينه عنه فمباح.
والجواب:
لم يرد في ألفاظ الحديث أنّها كانت لا تغادر المسجد أبداً حتى في أيام حيضتها، وكذلك لم يرد في ألفاظه أن هذا الحديث كان بعد منع الحيّض من دخول المسجد أو قبله والله سبحانه وتعالى أعلم.
فإن هذا الحديث الصحيح ليس واضح الدلالة في جواز مُكث الحائض في المسجد، وبخاصة أنه يوجد من الأدلة الصحيحة ما يضادّ ذلك كما سبق بيانه.
كما أن هذه المرأة كما جاء في الحديث لا بيت لها، ولذلك سكنت المسجد بعد إسلامها، ولم يكن لها أن تبيت في الطرقات والمزابل بعد أن جاءت للنبي صلى الله عليه وسلم وأعلنت إسلامها، فهي مضطرة للبيات في المسجد حيث لا مكان لها سواه.
وقال الحافظ (?) : وفي الحديث إباحة المَبيت والمَقيل في المسجد لمن لا مسكن له من المسلمين رجلاً كان أو امرأة عند أمن الفتنة. وكذا قال الصنعاني في سبل السلام (?) .
كتب أحد الإخوة الأفاضل (?) : يجوز للحائض أن تدخل المسجد وأن تمكث فيه، وهذه أقوال بعض العلماء الذين أجازوا ذلك - وبعد أن نقل كلام ابن حزم من المُحلّى والذي سبق بيان ردود العلماء عليه - قال: