والسنة، ولكنه كان يسلك مسلكاً وسطاً ينشد الدليل، ولا يثرب على العلماء ولم يمنعه مسلكه هذا من التفقه في المذهب الحنبلي وبيان أصوله، وتحرير فروعه مع مخالفته لما ذهب إليه الإمام أحمد في عشرات المسائل، وفي ذلك يقول: "وكثيراً ما ترد المسألة نعتقد فيها خلاف المذهب فلا يسعنا أن نفتي بخلاف ما نعتقده، فنحكي المذهب الراجح ونرجحه، ونقول هذا هو الصواب وهو أولى أن يؤخذ به، وبالله التوفيق".
أقول: إن إبراهيم ابن القيم، لم يذكر في مقدمته الموجزة سوى السبب الذي بعثه إلى شرح الألفية، وأما ما ذكرته من مذهبه فإنه يظهر لكل من وقف على شرحه وتدبره. وسأذكر -إن شاء الله- في نقاط آتية ما يدل على ما ذكرت من موافقته للبصريين في كثير من المسائل النحوية لا لذات المهب وإنما لكون ذلك هو ما ترجح لديه، ومن موافقته للكوفيين في بعض المسائل، ومن مخالفته لكلا الفريقين وأَخذِه بقول بعض النحاة، أو القول باجتهاده -في غالب ظني- حيث لم أجده لغيره.
تقدم أن إبراهيم ابن القيم لم يكن أسير مذهب معين، وإنما كان ينتظر في الآراء المختلفة وينتقي منها ما كان أسعد بالدليل، ويتضح ذلك من تفننه في الاختيار، فبينما تجده يختار في كثير من القضايا النحوية المذهب البصري حتى إنك لتكاد أن تحكم عليه بأنه بصري النزعة، تجده يختار في مسائل متعددة المذهب