وأما الإجماع فلم يثبت عن أحد من أئمة المسلمين إنكاره، ولقد شهد الصادق المصدوق لخليفته أبي بكر الصديق بأنه أعلم الناس بالأنساب.
ودينن1 - كما هو معلوم- دين المساواة والمحبة والأخوة والوئام بين جميع الأجناس، لا يفرِّق بين عربي ولا عجمي. يدل على ذلك ما ذكر القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (?)، قال - رحمه الله-: وفي هذه الآية ما يدلك على أن التقوى هي المراعى عند الله تعالى وعند رسوله دون الحسب والنسب. وقرئ (أن) بالفتح. كأنه قيل: لم لا يتفاخر بالأنساب؟ قيل: لأن كرمكم عند الله أتقاكم لا أنسبكم وقال عليه الصلاة والسلام لثابت بن قيس - رضي الله عنه -:"انظر في وجوه القوم" فنظر، فقال: "ما رأيت؟ " قال: رأيت أبيض وأسود وأحمر، فقال: "فإئك لا تفضلهم إلا بالتقوى" (?).
وقد روى الترمذي أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب بمكة فقال: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الله قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا فَالنَّاسُ رَجُلَانِ بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى الله وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى الله وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ وَخَلَقَ الله آدَمَ مِنْ تُرَابٍ، قَالَ الله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (?).