العلم ما لا يوجد في كتاب، وفرع بما حازه تآليف الأصحاب، رأيت أن أجرد أحكامه، عارية إلا في النادر من الاستدلال والتعليل، وحاوية لسلامة اللفظ، وبيان التمثيل؛ إذ كان الحكم إذا برز في صورة المثال، أغنى الناظر عن التطلب والتسآل.
ونفضت عليه بقية كتبي، لأستدرك ما أغفلته من فوائده، وليكون هذا المجرد مختصًا عن ذلك بزوائده، وقربت ما كان منه قاصيًا، وذللت ما كان عاصيا، حتى صارت معانيه تدرك بلمح البصر، لا تحتاج إلى إعمال فكر، ولا إكداد نظر، وحصرته في جملتين:
الأولى: في أحكام الكلم قبل التركيب.
الثانية: في أحكامها حالة التركيب.
وربما انجر بعض من أحكام هذه من أحكام الأخرى لضرورة التصنيف، وتناسب التأليف، وقصدت بذلك - يعلم الله - تسهيل ما عسر إدراكه على الطلاب، وتحصيل ما أرجوه في ذلك من الأجر والثواب.
ولما كمل هذا الكتاب خلوا مبانيه من التثبيج والتعقيد، حلوًا معانيه للمفيد والمستفيد، سميته «ارتشاف الضرب من لسان العرب»، ومن الله أستمد الإعانة، وأستعد من إحسانه لصواب المقال والإبانة