قال ابن مالك: وربما حمل أمن اللبس على الاستغناء بالفتحة والألف عن الكسرة والياء، وذلك في قول امرأة لعمر بن أبي ربيعة: نظرت إلي كعثبى، فرأيته ملء العين، وأمنية المتمنى، فصحت: يا عمراه فقال عمر: يا لبيكاه، ولا دليل في هذا على (واغلامكاه) إذا لم يخف لبس، إذ ليس لبيك منادى ولا مندوبًا، وإنما هو جواب لنداء المرأة، وتأنيثه، فأشبع حركة الكاف، وأتى بعدها بهاء السكت، وقد استدل بهذه القصة، وقولها (يا عمراه)، ابن مالك على جواز لحاق الألف المنادى خاليًا من تعجب واستغاثة وندبة، وذكر أن غير سيبويه أجاز ذلك، ولا حجة فيه لأنه لا يجوز أن يكون قولها (يا عمراه) من المندوب المفقود حكمًا لتنزيله منزلة المفقود حقيقة، فيكون كقول الخنساء (واصخراه، واصخراه) وهو غائب عنها.
وإذا ندبت مسمى بالمثنى فتحت النون فقلت: وازيداناه، وأجاز الكوفيون هذا، وأن يقال: وازيدانه، وتقول في (رقاش): وارقاشاه وأجاز الكوفيون: وارقاشيه، ولا يستغنى بالفتحة عن ألف فتقول: يا عمر بل يلحقها فتقول: واعمراه، والمجموع كالمثنى تقولك وازيداناه وعن الكوفيين أنهم يجعلون ذلك كالمضاف فيقولون: وازيديناه، واقنسريناه.
وفي النهاية: لا يجيز الكوفيون ندبة جمع السلامة، لأن الألف عندهم بمنزلة المضاف إليه، والنون لا تحذف في الندبة فلذلك لم يجيزوه، وإذا عللنا بهذه العلة فإذا كانت النون معتقبة الإعراب، فينبغي أن يجوز الندبة على رأيهم فتقول: واقنسريناه، لأن (الياء) تلزم إذا كانت (النون) حرف إعراب، وإذا سميت (رجلا) بـ (هندات) قلت: (واهندتاه) بفتح التاء المجاورة ألف الندبة، وإن كانت هذه التاء لا تدخلها الفتحة انتهى.