وهذا التمييز الذي انتصب عن تمام الكلام يكون بعد كل كلام منطو على شيء مبهم إلا في موضعين:
أحدهما: أن يؤدي إلى إخراج اللفظ عن وضعه نحو: ادهنت زيتًا، لا يكون تمييزًا، لأن أصله: بزيت فيلزم حذف الحرف، ونصبه، والتزام التنكير فيه فخرج اللفظ بذلك عن وضعه.
والمسموع من هذا: تفقأ زيد شحما، وامتلأ الكوز ماء، كان الأصل من الشحم، ومن الماء، حذفت (من)، وأسقطت (أل)، وانتصب تمييزًا.
والموضع الآخر أن يؤدي إلى تدافع الكلام نحو: ضرب زيد رجلاً، تجعل (رجلاً) تفسيرًا لما انطوى عليه الكلام من إبهام الفاعل، وقد ذهب بعض النحاة إلى إجازة ذلك، وخرج عليه قوله تعالى: «وإن كان رجل يورث كللة».
أبهم الوارث فكلالة عنده تمييز يفسر الوارث لا الموروث، وهذا القسم الذي ينتصب عن تمام الكلام تارة يكون منقولاً عن فاعل يصح إسناده للعامل نحو: طاب زيد نفسا، أو للمطاوع نحو: امتلأ الكوز ماء، وتفقأ زيد شحمًا أصله ملأ الماء الكوز، وفقأ الشحم زيدًا.
[وذهب ابن الطراوة، وتلميذه السهيلي إلى أن تصبب زيد عرقًا، وتفقأ زيد شحمًا] انتصب على الحال لا على التمييز، وقد أفصح سيبويه بلفظ الحال في قوله: