وقيمتها حسب موضوعها وغايتها ووسيلتها، وأن هذه المعارف لها مصادر متعددة يقرها الإسلام، وأكد أن المعرفة مستقلة عن العقل الذي يدركها، وصفات المعرفة الصالحة في الإسلام هي ما توفر فيه اليقين الجازم والتواضع أمام عظمة الله وواسع علمه، والتمشي مع روح الدين وما رسمه من مبادئ خلقية سامية مساعدة على إشاعة الأمن والطمأنينة في النفوس، ونبه د. الشيباني على ضرورة التثبت والدقة والموضوعية، وتدعيم العمل الصالح والخبرة الناجحة، وتيسير سبل تقدم المجتمع وقوته.
والذي يبدو، أن الدكتور الشيباني قد ركز على المعرفة من جميع جوانبها، وأوجز في فضل العلم وأهميته في نظر الإسلام، أما ابن الجوزي فقد فصل في هذا الموضوع ولكنه لم يعالج موضوع المعرفة كما عالجه د. الشيباني، الذي اعتبره من جوانب الفلسفة الإسلامية وفلسفة التربية الإسلامية، لأنه ينبغي التعرف على "النظرية التي تكمن خلف هذه المعرفة في التراث الإِسلامي والفلسفة الإِسلامية" (?).
أما الفصل السادس فموضوعه "المبادئ التي تقوم عليها فلسفة الأخلاق في الإسلام"، وقد تحدث فيه عن أهمية الأخلاق في الحياة، وأنها اتجاه راسخ في النفس البشرية، وأن الأخلاق الإسلامية في حقيقتها أخلاق إنسانية تساير الفطر السليمة، وغايتها تحقيق سعادة الدارين للفرد، والخير للمجتمع، والدين هو أهم مصدر للأخلاق، والنظرية الخلقية لا تكتمل إلا إذا حددت فيها بعض المفاهيم الأساسية كالضمير الخلقي، والإلزام الخلقي، والحكم الخلقي، والمسؤولية الخلقية، والجزاء الخلقي.
لقد توسع د. الشيباني في عرض موضوع المبادئ التي تقوم عليها فلسفة الأخلاق في الإسلام، أما ابن الجوزي فقد اقتصر على تفسير معنى الخلق، وأنه صنفان فطري ومكتسب وعدَّدَ بعضًا من الأخلاقيات السيئة مثل الكذب والحسد والغضب والحقد والكبر والعجب. موثقًا ذلك بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة.