6 - الوسيلة السادسة:
أن يعلم الصابر أنه عن طريق الصبر، يحصل على ثلاثة أنواع من العبادات تقوي إرادته، وتسمو بروحه، وترفع من درجته عند الله تعالى. قال ابن الجوزي: "فإذا جمعت بين الاستغفار وبين التوبة من الذنوب، والصبر على القضاء وسؤال الفرج، حصّلتَ ثلاثة فنون من العبادة، تثاب على كل منها" (?).
قال الله تعالى: {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} (?)، وهذا الضعف البشري من خصائص النفس البشرية التي خلقها الله به. والإنسان ضعيف أمام خالقه -عز وجل-، وأمام من هو أقوى منه من البشر، وأمام دوافعه وشهواته، وأمام المسؤوليات والواجبات المكلف القيام بها من قِبَل الله تعالى.
ومع هذا الضعف البشري، فإن الإِنسان يتسلط ويتجبر إذا تيسرت له أسباب السلطة والقوة، فإذا أصابته ضرّاء لجأ إلى الله تعالى، حتى إذا كشف عنه ضره رجع إلى عصيانه وطِغيانه، قال الله تعالى: {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} (?). وقوله: {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (?).
لذلك جاء المنهج التربوي الإسلامي بواقعيته، لتقوية الإرادة ثم تربيتها للتغلب على ضعف الإنسان أَمام رغباته وشهواته قبل السقوط في الرذائل والمعاصي، ثم بعد الوقوع فيها إن وقع فيها، وقد كان لابن الجوزي رأيُ مشتق من هذا المنهج التربوي الإِسلامي.