تظهر هذه المكانة، قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (?). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "فضلُ العلم أحبُ إليَّ من فضلِ العبادةِ، وخيرُ دينِكم الورعُ" (?). وقال - صلى الله عليه وسلم - في فضل العلماء: "فضلُ العَالمِ على العابدِ كفضلي على أدناكم"، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله وملائكته، وأهلَ السمواتِ والأرضين، حتى النملةَ في جحرِها، وحتى الحوتِ، ليصلّونَ على معلّمِ الناسِ الخيرَ" (?).
وقد استقى ابن الجوزي آراءه في فضل العلم والعلماء من هذا المنهج التربوي الإسلامي، وبيَّن أن "غاية اللذات العقلية العلم" (?)، وأنه "لا خصيصة أشرف من العلم، بزيادته صار آدم مسجودًا له وبنقصانه صارت الملائكة ساجدةً" (?) وقال أيضًا: "قد ثبت بالدليل شرف العلم وفضله" (?).
أما فضل العلماء فقد قال فيه: "من أراد أن يعرف رتبة العلماء على الزهاد، فلينظر في رتبة جبريل وميكائيل، ومن خص من الملائكة بولاية تتعلق بالخلق، وباقي الملائكة قيام للتعبد في مراتب الرهبان في الصوامع .. فأقرب الخلق من الله العلماء" (?). ثم بيَّن أن العلماء أنواع، فقال: "وأما العلماء فالمبتدئون منهم ينقسمون إلى ذي نيةٍ خبيثة يقصد بالعلم المباهاة لا العمل، ويميل إلى الفسق ظنًا أن العلم يدفع عنه، وإنما هو حجة عليه" (?).