خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن. إن أصابته سراء شكر. فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له" (?) وأخيرًا إذا آمن إيمانًا صادقًا بأن أمر الله قدر مقدر، وأنه إذا أراد أمرًا قال له كن فيكون، فإنه لا شك سيصل إلى درجة الرضا والتسليم بالمكتوب، فتصفو نفسه، ويطهر قلبه من كل حقدٍ وعداوةٍ وأذىً فيعيش قرير العين، هادئ البال، محبًا ومحبوبًا من الجميع.
3 - حقيقة انفعال الغضب ومعالجته:
لقد أودع الله تعالى في الإنسان انفعال الغضب، ليدفع عن نفسه الأذى، ويحمي حياته من الأخطار المحيطة به، أما إذا زاد عن حده الطبيعي فإنه يجلب الضرر، وفي ذلك يقول ابن الجوزي: "إن الغضب إنما ركب في طبع الآدمي ليحثه على دفع الأذى عنه والانتقام من المؤذي له، وإنما المذموم إفراطه، فإنه حينئذ يزيل التماسك، ويخرج عن الاعتدال، فيحمل على تجاوز الصواب، وربما كانت مكانته في الغضبان أكثر من مكانته في المغضوب عليه" (?).
وحتى نتعرف على ماهية الغضب وأنواعه المحمود منها والمذموم، لابد من معرفة حقيقته التي عبر عنها ابن الجوزي بقوله: "والغضب حرارة تنتشر عند وجود ما يُغضب، فيغلي عندها دم الذات طالبًا للانتقام، وربما أَثَّر الحمى" (?).
وهكذا نجد أن حقيقة الغضب ما هي إلا حرارة تتولد من أثر الأذى لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا وإن الغضب جمرة في قلب ابن آدم" (?). فيدفع