ولدفع هذه الأضرار عن النفس البشرية لابد من الاعتدال في تصريف الطاقات الكامنة فيها، وسيتم ذلك إذا أدرك الإنسان الحكمة الإِلهية من وجود هذا الدافع وكيفية إشباعه، فجعلها علاقة روحية وجسدية في وقت واحد، لقوله - صلى الله عليه وسلم -وإن لم يستشهد بهذا الحديث ابن الجوزي-: "وفي بُضع أَحَدِكُم صَدَقَةْ. قالوا: يا رسولَ الله! أَيَأتي أَحَدُنَا شَهوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجر؟ قَالَ: أَرَأيْتُم لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامَ أكَانَ عَلَيهِ فِيهَا وِزر؟ فَكَذلِكَ إِذَا وَضَعَها فِي الحلالِ كَانَ لَهُ أَجرُ" (?) ثمَ إذا أدرك المقاصد الأصلية له، والتي تتمثل في نظر ابن قيم الجوزية في أمور ثلاثة وهي:

أولها: "حفظ النسل ودوام النوع الإنساني إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها إلى هذا العالم.

الثاني: إخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن.

الثالث: قضاء الوطر، ونيل اللذة، والتمتع بالنعمة -وهذه وحدها- هي الفائدة التي في الجنة: إذ لا تناسل هناك، ولا احتقان يستفرغه الإِنزال" (?).

وهذا ما قرره ابن الجوزي أيضًا في قوله: "ثم إن صورة الوطء تنبو عنها النفوس الشريفة، إلا أن يُدفع شر محتقن أو يطلب ولد. فأما أن يصير عادة يكون بالتمتع بنفس الفعل، فتلك مزاحمة البهائم" (?). ثم قال ابن الجوزي في الاستمتاع: "فإن طلب التزوج للأولاد فهو الغاية في التعبد، وإن أراد التلذذ فمباح يندرج فيه من التعبد ما لا يحصى من إعفاف نفسه والمرأة .. إلى غير ذلك" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015