أنواع الدوافع بالتفصيل:

لذلك فقد حدد ابن الجوزي أنواعًا مختلفة من الدوافع، ويعدَّ منها الشهوات التي تنتج عن الشره (?)، كالشره في الطعام والشراب والجماع وجمع المال، وفيما يلتذ به من الأبنية المنقوشة، والخيل المسومة والملابس الفاخرة وغير ذلك من متاع الدنيا.

أ - رأي ابن الجوزي في دافع الطعام وتوجيهه:

وقد عالج ابن الجوزي هذه الشهوات بطريقة تبين مضارها وفوائدها وحكمتها، وقد بدأها ببيان ضرر الشره في الطعام، فقال: "إنَّ العاقل يحب أن يأكل ليبقى، والجاهل يؤثر أن يبقى ليأكل، وربَّ لقمةٍ منعت لقماتٍ وكانت سبب الهلاك، وإنما المقصود هنا زجر النفس الشرهة لتكفَّ الكف عما يؤذيها" (?).

إن شهوة الطعام كغيرها من الشهوات (الدوافع الفطرية)، التي وضعت في الإِنسان ليست غاية في ذاتها بل هي وسيلة إلى غاية سامية وهي العبودية المطلقة لله تعالى، فالمسلم العاقل هو الذي يجعل الطعام وسيلة حيوية لحفظ حياته، وقوة جسمه، فالمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف، كما أن "الجسد الهزيل المريض لا يأخذ نصيبه الحق من المتاع، فوق أنه لا يوصل شحنة الحياة إلى النفس توصيلًا صحيحًا تقوم عن طريقه بمهمتها المفروضة عليها، وفوق أن جهاد الحياة -والحياة كلها جهاد- في حاجة إلى جسم وثيق متين البنيان" (?).

ومن هنا ندرك أن المنهج التربوي الإِسلامي، قد وضع موجهات وضوابط لشهوة الطعام فلم يجعله هدفًا لذاته "والجاهل يؤثر أن يبقى ليأكل" وإنما جعله وسيلة لغاية سامية، كما أنه قيدها بالحلال لقوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015