وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} (?). وضعفه إزاء التكاليف: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} (?). يعرف كل ذلك فيساير فطرته في واقعها، ولا يفرض عليه من التكاليف ما ينوء به كاهله ويعجز عن أدائه: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (?). ويجعل التكليف الملزم في حدود الطاقة الممكنة ولكنه مع ذلك لا يتركه لفطرته الضعيفة دون تقويم، فتظل تهبط وتتراجع عن موقفها إلى موقف دون" (?). وبهذه الطريقة يستطيع العقل البشري ضبط الشهوات الداعية إلى اللذة العاجلة .. والمتعة الوقتية .. إلى ارتقاء بالنفس البشرية .. وإعلاء دوافعها .. حتى تصل إلى عبودية مطلقة الله تعالى. بالإضافة إلى تلك القدرات والاستعدادات التي رُكبت في الإنسان لمساعدته على عمارة الأرض، فقد زُوّد "بقدرة يصنع بها ما يقيه الأَذى من القطن والصوف، لم يجعَل على جلده ما يقيه خلقة، بخلاف الحيوان البهيم، فإنه لما لم يكن له قدرة على صُنع ما يغطي جلده عوضه بالريش والشعر والوبر" (?). وذلك تأكيدًا لقول الله تعالى: {يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} (?).
وهكذا فإن الله سبحانه وتعالى قد زود الإنسان بقدرات وقوى واستعدادات مختلفة، لتساعده في تكيفه مع البيئة التي يعيش فيها، كما أعطاه القدرة على تسخير ما في الكون لعمارة الأرض بما يرضي الله سبحانه وتعالى.
لقد حدد ابن الجوزي جوانب النفس البشرية بأنواع ثلاثة هي: